Radio Romania International

Arhiva :

ثورة ديسمبر \ كانون الأول عام 1989
(2007-12-17)
آخر تحديث 2007-12-18 16:14 EET Print
لم يعد أحد يشك من أن ثورة ديسمبر \ كانون الأول عام 1989 أعادت الحرية والديموقراطية والكرامة إلى الرومانيين . ورغم ذلك فإن الذين يتذكرون تلك الأحداث بامتنان، قلائل بينما يبدي أغلبهم تجاهها اللامبالاة أو النفور أو يستغلون الفرصة للتطرق إلى أسباب عدم رضاهم الحالي . وهناك أيضا من يعلق عليها بمرارة أو سخرية . حتى ضحايا الثورة والمقدرعددهم ما يربو على الألف نسمة ومعظمهم من الشباب لم يعدوا سببا لطأطأة رأسهم ورعا. وينسب المحللون تلك المواقف إلى خيبةالأمل الكبيرة التي انتابت الرومانيون في السنوات التي أعقبت الثورة وحطمت الآمال الكبارالتي كانوا قد علقوها على الثورة . إن الأحداث التي وقعت في أيام الثورة والتي انتهت إلى الإطاحة بنظام جاوشيسكو الدكتاتوري معروفة فلا داع لاستعراضها مجددا . فأرتأينا أن نقدم لكم في هذه الحلقة آراء الباحث دانيال باربو مدير معهد البحوث السياسية في بخارست والأستاذ في كلية العلوم السياسية في جامعة بخارست الذي تطرق في حديث لإذاعتنا إلى مختلف نواحي الثورة. سألناه في البداية عن السبب وراء وصف البعض لتلك الأحداث بأنها ثورة في حين وصفها الآخرون بأنها انقلاب ..؟ فقال: من الناحية العلمية تعرف الثورة بحركة ثورية لها برنامج ثوري و عقيدة و قوة ثورية أو بعبارة أخرى لها برنامج و منفذون . صحيح أن هذا التعريف لا ينطبق على ما حدث في رومانيا في شهر ديسمبر كانون الأول عام 1989 ذلك أنه لم يكن هناك برنامج ثوري و لا عقيدة معادية للشيوعية ولا منفذون للبرنامج الثوري و المضي به في سبيل الانتصار النهائي .. والمقصود بمنفذين جماعات أو أحزاب أو حركات .. فإن كانت تلك الأحداث ثورة فإنها ثورة غير نمطية وهذا ما توصل إليه الباحثون الذين حللوا الثورات التي شهدتها أوربا الوسطى و الشرقية عام 1989 و أبرزوا طابعها غير النمطي مقارنة بالثورات الفرنسية عام 1789 والبولشيفية عام 1917و الصينية عام 1949. يمكننا التحدث عن ثورة بقدر ما أحدثته من تحولات جذرية سياسيو و اجتماعية . أما الانقلاب فيحدث من الناحية التقنية تحولات سياسية وليس اجتماعية .. وراء الانقلاب دائما جهة منفذة وقد يكون حزب سياسي أو جماعة عسكرية .. ولكن الوثائق و الأدلة المتوفرة لدينا لا تثبت وجود جهة ولو غامضة أو غيبية - سعت إلى إبعاد زعماء الحزب الشيوعي الروماني بالقوة في الثاني والعشرين من ديسمبر كانون الأول عام 1989 . قيل عن الثورة الرومانية إنها حدث متميز وحتى استثنائي على خلفية الثورات التي شهدتها أوربا الوسطى والشرقية في ذلك العام . ما هو القاسم المشترك لجميع تلك الثورات وما هي مميزات الثورة الرومانية . ضيفنا دانيال باربو من جديد: جاءت الثورة الرومانية ضمن ثورات متعاقبة جرت في عام 1989 ، ولكن طابعها الاستثنائي يكمن في أشكال العنف التي ارتدتها ، فرغم أن الثورة الجيكوسلوفاكية التي سميت بالمخملية ، شهدت أيضا حدثا عنيفا تمثل في مقتل ناشط مدني على يد قوات النظام وكانت الضحية الوحيدة تلك بمثابة الشرارة التي أشعلت فتيل الثورة . بينما سقط في رومانيا أكثرمن ضحية . وإذا تساءلنا ما إذا كان هناك فارق بين أحداث براغ وأحداث بخارست أو تيميشوارا.. ؟ فإن الجواب ليس سهلا. هناك ناحية لاحظها جميع من حلل أحداث الثورة الرومانية ، وهي طابعها العشوائي ، إذ لم يبشرأي شيء بوقوعها . وأفضل تشخيص للثورة الرومانية جاء على شكل تكهن من الزعيم البولشيفي لينين الذي قال : إن الرأسمالية ستنهار نتيجة لعملية تعفن طبيعية . وهذا التشخيص ينطبق تماما على الشيوعية الرومانية التي بلغت عملية تعفنها الى الذروة عام 1989 . فقد كان خلاف بسيط حدث بين مجموعة من رعية قس في مدينة تيميشوارا الذي واجه خطر إخلاء بيته بالقوة من قبل سلطات الأمن ، كان ذلك كافيا بحد ذاته لإشعال لهيب الثورة . حيث تضامن سائر سكان المدينة مع جرأة وشجاعة تلك الرعية وتجمعوا بأعداد كبيرة في ساحتها المركزية . ولكن التطورات التي تلت لم تكن لها أية صلة بالقس ومسألة إخلائه لمنزله . من هم إذن صناع ثورة عام 1989 ..؟ يقول الباحث دانيال باربو: إن صانعها هو المجتمع الروماني : يعتبر البعض الثورة حركة شعبية شاملة . ولكن هذا الوصف لاينطبق على الثورة الرومانية . أما البعض الآخر ولاسيما مدبروا المؤامرات فيعتبرونها نوعا من أنواع الانقلاب. وأعتقد أننا يجب أن نعتمد على الوقائع التاريخية والأحداث التي وقعت فعلا - قدرالمستطاع. إننا في الحقيقة أمام حركة اندلعت من صلب المجتمع وبالأحرى من تجمع كنسي في مدينة تيميشوارا و من جماعة طلابية في مدينة كلوج ومن جماعة عمالية في بخارست . ولكن الذين انضموا إلى تلك الجماعات لاحقا هم أشخاص مختلفون تماما عن بعضهم البعض من ناحية انتمائهم الاجتماعي و شخصيتهم إلى غير ذلك ، ولعل قاسمهم المشترك الوحيد افتقارهم إلى أية وسيلة دفاعية ، ولكنهم أرادوا من خلال المشاركة في مظاهرات الاحتجاج على النظام التعبير عن رفضهم للإجماع غير المعقول الذي كان قد أحاط بمؤتمرالحزب الشيوعي الأخير . علينا أن نتعامل بالحقائق كما كانت ونقول إن المجتمع الروماني المتباين العناصر وليس مجتمع العناصر المتفوقة هو صانع الثروة وهو الذي أثبت قدرته على القيام بأعمال ممتازة في بعض المدن فقط وليس في جميع المدن ..