Radio Romania International

Arhiva :

فواجع الثورة البولشيفية على أرواح الآلاف من الروس
(2007-11-12)
آخر تحديث 2007-11-13 16:20 EET Print
صفحات من تاريخ رومانيا لم تكن تشنجات الثورة البولشيفية التي وقعت في شهر أكتوبر- نوفمبر عام 1917 و التي انتهت إلى إحلال أول نظام شيوعي في تاريخ البشرية لم تكن سوى بداية حقبة طويلة م ن التحولات العميقة .. فقد أدت الإجراءات التي اتخذتها الحكومة البولشيفية فور تنصيبها ومنها حل الجمعية التأسيسية في شهر يناير كانون الثاني عام 1918 و توقيع اتفاق السلام مع القوى المركزية في شهر مارس آذار لنفس العام إلى نشوب حرب أهلية واسعة النطاق خاضها الجيش الأحمر البلوشيفي ضد القوات البيضاء الأضعف تنظيما و المدعومة من الجيوش الأجنبية .. وقد جاءت الحرب الأهلية لتزيد من شدة المعاناة و الولايات الناجمة من الحرب العالمية الأولى . وقد انتصر الجيش الأحمر على الأبيض بعد معارك شرسة راح ضحيتها 900 ألف من المقاتلين الحمر و 500 ألف آخرين من عناصر الجيش الأبيض .. كان اللاجئين أحد وقائع الحرب الأهلية الروسية .. قدر عددهم بحوالي مليون نسمة فعبر نهر نيستور إلى رومانيا حوالي أربعين ألفا منهم .. رجال ونساء وأغلبهم من الشباب الذين سلكوا طريق المنفى فرارا من فواجع الحرب .. يون نياكشو الجندي السابق في الجيش الروماني إبان الحرب الأهلية الروسية حل ضيفا على مركز التاريخ المروي لمؤسسة الإذاعة الرومانية عام 1996 عندما كان يناهز المائة من العمر .. وأبدى البسالة في معارك الحرب العالمية الأولى فتم ترقيته ومنح له وسام هام . بعد انتهاء الحرب جند من جديد عام 1920 وأرسل إلى منطقة مطلة على نهر نيسترو عند حدود رومانيا الشرقية بسبب خطورة الأوضاع فيها .. فبين عامي 1917 و1918 كانت منطقة مولدوفا الرومانية التاريخية قد شهدت اضطرابات خطيرة جراء أحداث الثورة الروسية لا سيما في شهري فبراير شباك و نوفمبر تشرين الثاني عام 1917 . فقال ضيفنا عن تلك الأحداث - " وصلني أمر التجنيد وحضرت إلى بوخارست .. جندونا وسرعان ما أرسلونا إلى جبهة القتال .. كانت على ضفة نهر نيسترو في منطقة خطيرة جدا .. انضممت إلى الكتيبة رقم 4 .. شهدت الجنود وهم يقتلون الأثرياء الروس . كان الناس يحاولون الفرار وكان هناك من نجا وفر ومن لم ينج فقتل .. انضممت أيضا إلى قوات حراس الحدود فعبر نهر نيسترو إلى رومانيا مئات الآلاف من الناس .. في نهاية الأمر نظموا معسكرا للاجئين في مدينة كيشيناو استضاف حوالي 40ألف شخص وكان الرومانيون يستجوبونها ويسألونهم : لماذا تهربون ؟ فقالوا : نخشى أنهم سيقتلوننا .. كان لبعضهم أصدقاء أو أقارب في رومانيا .." كان اللاجئون الروس يعبرون نهر نيسترو سباحة أو بالزوارق .. ورغم دعم والجيش والمدنيين لهم كانت أوضاعهم عسرة . تذكر ضيفنا يون نياكشو الإجراءات التي اتخذتها السلطات في تلك الفترة المضطربة : " ذات يوم تساءل العقيد عما يمكن عمله في سبيل آلاف اللاجئين ألئك ..وكيف علينا أن نطعمهم فكان لا بد أن نقدم لهم الطعام ولكننا كنا عاجزين عن ذلك . فأبلغ كبار الضباط بأنه غير قادر على ضمان الطعام لهم . وبعد أيام بضعة جاءنا أمر بمنع جميع اللاجئين من عبور نهر نيسترو إلى رومانيا وبفتح النار على كل من عبره .. ولكني لم أطلق النار على أحد رغم أني عثرت ذاك يوم على خمسة أشخاص كانوا يحاولون الدخول إلى رومانيا وطلبت منهم أن يعودوا وإلا أطلق النار إليهم .. في نهاية الأمر استضفتهم في غرفتي فعلم الضباط بذلك وقالوا إني لم أف للأوامر و لم أؤد واجبي فأرادوا إحالتي إلى المحكمة العسكرية .. ولكن أثناء استجوابهم للأشخاص الخمسة أدركوا أن أحدهم كان جاسوسا وهكذا تخلصت من المثول أمام المحكمة العسكرية . " كان أغلب اللاجئين من صفوف الأرسطوقراطية الروسية و نخبة مثقفين وهم شباب و أثريا . ولكنه أعرب عن أسفه لإساءة بعض الجنود الرومانيين معاملتهم واصفا تلك التصرفات بمخزية " كانوا يجبرونهم على العمل في المزارع مقابل نصف الراتب الذي كان الفلاحون يتقاضونه من صاحب المزرعة .. أنا شخصيا لم أسئ بهم أبدا ولكن ضباطنا سرقوا منهم حليهم و ممتلكاتهم. كان أكثر اللاجئين من الشباب - رجال ونساء وكانوا يعملون معا في المزارع و الكروم .. وقد بقى بعضهم في رومانيا .. " غادر أغلب اللاجئين الروس رومانيا لاحقا متوجهين إلى البلدان الغربية ولم يبق هنا سوى القليل منهم فقد تكامل أولئك مع الساحة الثقافية واللغوية الرومانية . ورغم تخلصهم من معاناة الحرب الأهلية الروسية إلا أنهم عرفوا أيضا معاناة الحياة في المنفى ..