Radio Romania International

Arhiva :

الخلاف الروسي الصيني خلال الحقبة الشيوعية
(2010-10-19)
آخر تحديث 2010-11-03 16:17 EET Print
الأمثلة كثيرة على محاولات بلدان المنظومة الاشتراكية الانشقاق عن السوفييت وأهمها الثورة الهنغارية عام 1956 و ربيع براغ عام 1967 بالإضافة إلى نقابة التضامن في بولندا في ثمانيات القرن الماضي ..وما أن ظهرت بوادر الانفصال و التمرد في أحد بلدان المعسكر الاشتراكي في شرق أوربا حتى تدخل الاتحاد السوفييتي مستخدما القوة لقمعها و أيضا لإرسال رسالة إنذار واضحة إلى كل من أرادوا حذو نفس الحذو . في ستينات القرن الماضي نشب خلاف أيديولوجي و سياسي شديد بين الاتحاد السوفييتي و الصين ولكن السوفييت لم يتمكنوا هذه المرة من استخدام القوة لتسوية الأمور كما فعلوا في أوربا الشرقية كما لم يستطيعوا إسكات صوت الصين التي كانت تتمتع بسمعة جيدة في جميع البلدان الشيوعية مثيلة لسمعة الاتحاد السوفييتي وإن كانت أقل تطورا منه اقتصاديا و عسكريا . ومن جهة أخرى كانت طبيعة الخلاف بين السوفييت و الصينيين مختلفة عن طبيعة التمرد الأوربي الشرقي .. إذ أن الأوربيين أرادوا القضاء على النظام الشيوعي والعودة إلى الديمقراطية في حين أن الشيوعيين الصينيين اعتزموا تطبيق النظرية الماركسية اللينينية حرفيا ونافسوا السوفييت في إنشاء نظام شيوعي مطابق لتعليمات ماركس ..لكن الاتحاد السوفييتي كان قد بدأ بالابتعاد عن النهم الستاليني السابق منذ تولي هرروشوف زعامة الحزب الشيوعي السوفييتي الأمر الذي أثار حفيظة الشيوعيين الصينيين .. و في الوقت الذي دافع فيه الصينيون بزعامة ماو تزي دونغ عن النموذج الستاليني كان السوفييت ينتقدون الصينيين بالجمود العقائدي و الستالينية .. والمفارقة أن البلدان الشيوعية الأوروبية التي تمردت على الاتحاد السوفييتي من ذي قبل وقفت إلى جانب السوفييت في الخلاف الذي قابلهم بالصينيين .. أما رومانيا فقد فسر بعض المؤرخين موقفها من هذه الخلافات على أنه موال للصين غير أن الأمور لم تكن هكذا إطلاقا .. حيث تبنت السلطات الشيوعية الرومانية مثلها مثل أغلبية الأحزاب الشيوعية موقفا توفيقيا بيت الجانبين .. ولكن في بعض جوانبه كان موقف رومانيا أقرب إلى الموقف الصيني إلى حد ما . كان رومولوس بودورا موظفا في السفارة الرومانية في الصين في مطلع ستينات القرن الماضي وتزامن تقلده منصبه الدبلوماسي مع اندلاع الخلافات السوفييتية الصينية .. في عام 1999 تحدث لمحرري مركز التاريخ المروي للإذاعة الرومانية عن نقاط التلاقي في العلاقات بين الحزبين الشيوعيين الروماني والصيني : "كان الاتحاد السوفييتي يعمل كل ما بوسعه للحفاظ على سيطرته على الحركة العمالية و الاشتراكية العالمية في حين أن الصينيين كانوا يحاولون الانفصال عنها .. وذلك في وقت ظهرت فيه محاولات مماثلة داخل الأحزاب الشيوعية الأوربية أيضا .. في تلك الفترة جرت من حين لآخر لقاءات بين زعماء الحزبين الشيوعيين الروماني والصيني مع سفير الجانب الآخر تناولت مختلف القضايا ومن بينها الصعوبات التي كان يواجهها كل من البدلين في علاقاته مع الاتحاد السوفييتي و حزبه الشيوعي ..وشملت المباحثات بعض القضايا الحساسة مثل منطقة باسارابيا جمهورية مولدوفا حاليا وكذلك الخزانة الرومانية التي تراجع السوفييت عن إعادتها لرومانيا وكانت هذه القضايا تناقش بكل صراحة ..حيث كان الصينيون أيضا يتحدثون عن مشاكلهم مع السوفييت .. وقد أدت كل هذه الاتصالات إلى إرساء قاعدة متينة للتعاون بين الجانبين الروماني و الصيني فيما بعد .. وفي تطورات لاحقة تبين أن العديد من وجهات نظرنا كانت متقاربة جدا" ف ي عام 1964 جرت في موسكو أعمال المنتدى العالمي للشباب . واستغل السوفييت الفرصة لمهاجمة الصينيين .. شتيفان بارليا شارك في المنتدى بصفته رئيسا لمنظمات الشبيبة الشيوعية في رومانيا وروى لمحرري الإذاعة الرومانية عام 2002 حدثا وقع أثناء المنتدى واعتبر مؤشرا على مدى توتر العلاقات السوفييتية الصينية: " قام السوفييت بتهيئة الأجواء لكي يحصلوا على دعم أكثرية الوفود الأجنبية المشاركة لهم و تحريضها على مهاجمة الصينيين .. وفي إحدى جلسات المنتدى جاء دور ممثل للصين ليلقي كلمته لكن الحاضرين نهضوا و قاطعوه رددوا هتافات ضد الصين وصاحوا العار .. العار في وجهه . أما نحن فلم نصفق و لم نقل شيئا .. بل ظللنا جالسين و لم نشارك في هذه الحداثة بأي شكل من الأشكال .. ولاحظنا نفس الموقف لدى الوفود الغربية أيضا .. وفي كلمته في المنتدى قال ممثل رومانيا إن الشبيبة و الطلاب الرومانيين يتابعون بقلق الجدل الدائر بين الحزبين الشيوعيين الصيني و السوفييتي ويدعونهما إلى إيجاد حل حكيم لخلافاتهما .. و قوبلت كلمة الممثل الروماني بالتصفيق و الترحيب . لاحظنا أيضا أن وفود البلدان التي كانت لديها موقف مشابهة للمواقف الصينية تصرفت بنفس التحفظ أثناء هذه الحادثة و امتنعت عن التصفيق مثلنا تماما .. أما يوغسلافيا فلم يكن موقفها من الخلاف السوفييت الصيني واضحا وجليا أبدا .. شأنهم في ذلك شأن الكوبيين أيضا"