صوت رومانيا العالمي
2025-04-16



















Arhiva :
الديموقراطية أيام زمان
(2007-09-18)
آخر تحديث 2007-09-19 16:34 EET
عرفت البشرية مرارا لحظات حرجة تبشر بالشؤم ، ولكن المصاعب الناجمة عنها لا توحي دائما بالأبعاد الحقيقية للكوارث الإنسانية المتولدة منها. في النصف الأول من القرن العشرين برزت إشارات إلى احتمال انهيارالأنظمة الديموقراطية في بعض أجزاء من أوروبا وغيرها من أنحاء العالم ولكن البشرية لم تنتبه إليها بل عاملتها بسطحية ولامبالاة . قبيل نشوب الحرب العالمية الثانية بعثت الآليات الديموقراطية إلى العالم إشارات تحذر من احتمال أتساع نفوذ أعدائها . في رومانيا بدأت أزمة الديموقراطية في شهر فبراير\شباط عام 1938 حينما حل الملك كارول الثاني الأحزاب السياسية . ومنذ ذلك الحين وحتى تنازله عن العرش عام 1940 فرض كارول الثاني نظاما تسلطيا فرديا . ولكن المؤرخين يقولون إن بداية أزمة الديموقراطية تعود إلى ما قبل ذلك بأكثر من عشر سنين وبالأحرى إلى عام 1927 عندما فقدت رومانيا اثنين من أكبر شخصياتها وهما الملك فيرديناند والسياسي البارع الليبرالي يون براتيانو اللذان يعود إليهما الفضل الكبير في قيام الدولة الرومانية الحديثة. والحقيقة أن رومانيا لم تستطع في الفترة ما بين الحربين العالميتين التعويض عن تلك الخسارة وما أعقبتها من تطورات أدت إلى تشويه صورة النظام الملكي من جهة وإلى زرع بذور الشقة والتفرقة بين اليبراليين من جهة أخرى . وبرزت في نفس العام مشكلة ولاية العهد علما أن ولي العهد ميهاي وهوابن عام الملك فيرديناند لم يكن يبلغ من العمر آنذاك سوى خمس سنوات . حدثنا عن أزمة عام 1927 الأستاذ الجامعي فلورين مولير Muller - مدرس مادة تاريخ رومانيا المعاصر في كلية التاريخ بجامعة بخارست . تطرق في بداية حديثه إلى عواقب وفاة الملك فيرديناند على النظام الملكي فقال: امتدت أثار موت الملك فيرديناند على حقبة طويلة من تاريخ رومانيا المعاصر. وكانت عاقبته الفورية ، مشكلة ولاية العهد علما أن نجل فيدرنيناد كان قد تنازل عن العرش .أما الحكم في الوصاية الذي أعقب موت الملك ، لم يكن يمثل حلا حقيقيا للمشكلة ، باعتبار أن الوصاية تركيبة مؤقتة غير قادرة على ممارسة صلاحيات النظام الملكي على الوجه المطلوب. خاصة وأن النظام الملكي كان قد اتسم في عهد الملك فيرديناند بالمتانة والاستقرار حتى وإن كان فيرديناند بعيدا كل البعد عن الميول التسلطية. أما موت الزعيم الليبرالي يونيل براتيانو عام 1927 فكان بمثابة كارثة بالنسبة لحزبه الذي أخفق في إيجاد خلف مناسب له . وينسب البعض ذلك إلى طريقة براتيانو المتميزة لممارسة السلطة في حزبه . المؤرخ فلورين مولير يقدم لنا مزيدا من التوضيحات : كان براتيانو أحد مؤسسي الديموقراطية الليبرالية ولكنه لم يسمح للديموقراطية تلك أن تتطور سوى ضمن الإطار الذي رسمه لها زعماء الحزب . فقد زاد من شأن السلطة التنفيذية على حساب السلطة التشريعية وجمع آليات السلطة في يده وأصبح الشخصية المهيمنة على الحزب رغم وجود غيره من الزعماء الليبراليين الذين كانت سلطتهم أيضا تفوق بكثير على ما تنص عليه أصول الديموقراطية . والحقيقة أن أسلوب براتيانو الشخصي لممارسة السلطة لم يسمح بتكون وبروز نخبة سياسية في حزبه . من المستفيدين من موت براتيانو وأزمة الأحرار ..؟ - الحزب الوطني الفلاحي الذي تأسس عام 1926 . فقد فاز في انتخابات عام 1928 ولكن زعمائه لم يتمكنوا من تهدئة الميول التسلطية للملك كارول الثاني . ضيفنا فلورين مولير من جديد : كان زعماء الحزب الفلاحي الوطني يلقون الخطابات اليسارية الإيحاء ، وكانوا يتظاهرون بالانجذاب إلى العقيدة اليسارية الثورية مما لم يمنعهم من توجيه أصابع الاتهام إلى حزب الأحرار والأوليكارهية الحاكمة والتي لم تتجاوب مع توقعات المجتمع الروماني على المدى الطويل . ولكن الحزب بدأ يعاني من مشاكل داخلية بحيث تكوّن في صفوفه قطب جديد قوي معاد لذلك الذي كان قد فاز في انتخابات عام 1928 . من القوى السياسية النامية في تلك الفترة رابطة الملاك ميخائيل الفاشية الإيحاء . كان هدفها المعلن القضاء على فواجع الرأسمالية وتحرير المجتمع من آثارها . المؤرخ فلورين مولير : كانت الحركة قد تأسست في شهر يونيو حزيران عام 1927 ومثلت حينئذ الخيار الثالث في الحياة السياسية الرومانية و البديل للرأسمالية الليبرالية لحزب الأحرار والاشتراكية الزائفة للحزب الفلاحي . ولكن رواد الحركة لم يتمكنوا من توضيح مضامين عقيدتهم و التي ظل الغموض يحيط بها ليس على الصعيد الإيديولوجي فحسب إنما على الصعيد العملي أيضا . رغم ذلك تميزت الحركة بالديناميكية والقدرة الفائقة على تعبئة فئات اجتماعية ومهنية و سياسية لم تجد في حزب الأحرار أو الحزب الفلاحي الناطق المطلوب باسمها . وقد جذبت الحركة إلى صفوفها ما لا بأس به من الساسة الشباب الذين لم يجدوا مكانهم في التراكيب الديموقراطية . شهد عام 1927 الانتقال من الهدوء إلى الهيجان في الساحة السياسية وزيادة النقاشات السياسية الراديكالية . ويُجمع المؤرخون أن أزمة الديموقراطية الرومانية التي استمرت حتى عام 1989 وانتهت بسقوط النظام الدكتاتوري بدأت في واقع الأمر عام 1927 .
 
Bookmark and Share
WMA
64kbps : 1 2 3
128kbps : 1 2 3
MP3
64kbps : 1 2 3
128kbps : 1 2 3
AAC+
48kbps : 1 2 3
64kbps : 1 2 3
استمع الآن
مواقيت البث
التوقيت (UTC)
07.30 - 08.00 15.00 - 16.00


دمية صوت رومانيا العالمي التاريخية - المسخوطة الجالبة للحظ