Radio Romania International

Arhiva :

منظمة الكوميكون
(2010-05-04)
آخر تحديث 2010-05-10 17:46 EET Print
للحفاظ على نفوذهم السياسي في أوربا الوسطى والشرقية قام السوفييت بتشكيل منظمات إقليمية بمشاركة بلدان المنطقة بهدف فرض سياسات مشتركة مطابقة للتوجيهات الصادرة في موسكو .. وكان ما عرف بمنظمة الكوميكون أي منظمة المساعدة الاقتصادية المشتركة واحدة من تلك المنظمات .. تأسست في عام 1949 في موسكو بمبادرة سوفييتية لتكون منافسا للمنظمة المماثلة التي كانت قد أسستها بعض البلدان الأوربية الغربية و التي عرفت لاحقا بالمجموعة الاقتصادية الأوروبية أو السوق المشتركة وارتبط إنشاءها بمشروع مارشال الرامي إلى مساعدة أوربا الغربية ماليا لإعمار اقتصادها بعد الحرب .. وغير أن منظومة الكوميكون عملت جاهدة لتعزيز موقعها كمنظومة موحدة الأهداف و المصالح إلا أنها لم تكن أبدا غريما حقيقيا للمجموعة الاقتصادية الغربية وذلك بسبب العيوب البنيوية التي عانى منها الاقتصاد المركزي المخطط المتبع في بلدانها .. بل كانت منظمة الكوميكون بالنسبة للبلدان المؤسسة وهي بولندا و شيكوسلوفاكيا و ألمانيا الديموقراطية و هنغاريا و رومانيا وبلغاريا بمثابة سجن كبير اضطرت للعيش فيه باسم الأخوة الاشتراكية و الوحدة العقائدية.. ابتداء من عام 1962 أصبحت مواقف رومانيا داخل منظمة الكوميكون توصف بالمتقلبة و الطائشة وحتى بالمعارضة للمشاريع السوفييتية التي كان من بينها اقتراح السوفييت بإنشاء نظام اقتصادي تكاملي و ساحة اقتصادية موحدة في أوربا الوسطى و الشرقية وهو الاقتراح الذي اعتبرته رومانيا غير مقبول . في عام 1964 أطلقت موسكو ما عرف بمشروع فاليف الذي كان يحدد لكل بلد من البلدان الأعضاء في الكوميكون المجال الذي كان يتوجب عليه تطويره دون آخر تطبيقا لمبدأ تقسيم العمل في إطار المنظومة الاشتراكية .. وكانت احتجاجات رومانيا على السياسة السوفييتية بشكل عام قد ازدادت شدة بعد انسحاب القوات السوفييتية منها عام 1958 و من ثم بعد محاولات زعيمها نيقولاي شاوشيسكو في نهاية الستينات لانتهاج سياسة اقتصادية مغايرة وتقليص اعتماد البلاد على منتجات الصناعة السوفييتية .. ماكسيم برغيانو كان رئيس اللجنة العليا للتخطيط التي كانت في سنوات النظام الشيوعي المؤسسة المكلفة بوضع الخطط الإنتاجية الإلزامية لجميع القطاعات الاقتصادية .. وفي عام 2002 أدلى بحديث لمحرري مركز التاريخ المروي للإذاعة الرومانية تحدث فيه عن موقف رومانيا من مبدأ تقسيم العمل في إطار منظومة الكوميكون: "كرست رومانيا مكانتها داخل منظمة الكوميكون بصعوبة لأن شقيقها الأكبر أراد لها أن تبقى بلدا زراعيا و أن يكون الإنتاج الزراعي مجالها الاقتصادي الرئيسي لتستلم بالمقابل المنتجات الصناعية التي تحتاجها من البلدان الاشتراكية الصناعية الأكثر تقدما منها كألمانيا الديموقراطية و تشيكوسلوفاكيا .. واعتبرت رومانيا هذه الخطة محاولة لتقويض سيادتها الاقتصادية و الوطنية .. والحقيقة أن السوفييت حاولوا دائما إقناع رومانيا بالتركيز على قطاعها الزراعي باعتبار أن لها خبرة كبيرة في هذا المجال كما كانوا يطلبون منها إن تنتج الحبوب و الخضار و الفواكه و اللحوم و أن تصدرها إلى البلدان التي كانت ستمدها بالمقابل بالآلات و التجهيزات التي تحتاجه" بعد طرحهم خطة فاليف قام السوفييت بجس نبض الزعماء الرومانيين لمعرفة موقفهم من مبدأ تقسيم العمل في إطار منظومة الكوميكون . . ولكن تحفظ الطرف الروماني إزاء خطة فاليف حدا بالزعيم السوفييتي نيكيتا خروشيف إلى زيارة رومانيا حيث توجه إلى مدينة براشوف إحدى أهم المراكز الصناعية في البلاد و التي كانت منشاتها الاقتصادية آنذاك قيد الإعمار بعد تعرضها للنهب و السلب على أيدي جنود الجيش السوفييتي عام 1945 . وعن زيارة نيكيتا خورشيف لمدينة براشوف قال ماكسيم بيرغيانو متذكرا : "ضم جدول الزيارة لقاءات مع عمال مصنعي الجرارات و الشاحنات وكنت ضمن وفد الاستقبال له .. فحضر خروشيف و دخل إحدى الوحدات الإنتاجية التي كانت في حالة جيدة ومجهزة بآلات و معدات متنوعة .. وسألهم لماذا استخدموا الحديد لبنائها وليس الخرسانة لأنها أرخص . فرد عليه زعيم الحزب الشيوعي الروماني غيورغي غورغيو ديج قائلا إن المنشأ موروث من البرجوازيين الذين شيدوه ليكون مصنعا للطائرات وأنه كان ينتح الطائرات إبان الحرب . فقال خروشيف : لا يجب أن تنتجوا طائرات من الآن فصاعدا .كان من الواضح أنه لم يبد أي اهتمام أو استحسان لما كان يشاهده في المصنع .. لا حتى للجرارات غير أن رومانيا كانت في مقدمة البلدان المنتجة لها في العالم وكانت نوعية تلك الجرارات معترفا بها على الصعيد العالمي . ثم مر هروشيف على مصنع الشاحنات بسرعة حيث لاحظ أن العمال كانوا يستخدمون الأدوات اليدوية بسبب افتقار المنشأة للتجهيزات الآلية ..وقال : لا أريد أن أرى المزيد .. هذه ليست منشأة صناعية ... إنها تعاونية حرفية .. و لم يبق في المصنع إلا خمس دقائق ثم خرج و انصرف" لم تطلق منظمة الكوميكون منذ تأسيسها عام 1949 وحتى حلها عام 1991 أية خطة بناء للتعاون الاقتصادي ولم تكن الاتفاقيات الموقعة في إطارها إلا محاولات غير ناجحة لرأب صدع الاقتصاد المركزي المخطط . وفي عام 1991 عندما انحلت منظمة الكوميكون كانت الدول الأعضاء السابقة قد تخلت نهائيا عن النظام السياسي الاشتراكي الذي لم يجلب لها غير الفقر و البؤس ..