صوت رومانيا العالمي
2025-04-16



















Arhiva :
مراقبة العمال في المصانع في العهد الستاليني في رومانيا
(2010-03-22)
آخر تحديث 2010-03-29 17:25 EET
لكن الطريق إلى المجتمع الشيوعي كان يمر حسب الرؤية الماركسية عبر متاهات الاقتصاد المركزي الموجه الذي كانت تعتبره الطريقة المثلى لإدارة شؤون الإنتاج. في العهد الستاليني في خمسينات القرن الماضي تصاحب تطبيق النهج التوجيهي في القطاع الاقتصادي مع إخضاع جميع الأنشطة الإنتاجية لرقابة قاسية ودقيقة .. وأدى تطبيق الرؤية الاقتصادية التوجيهية على أرض الواقع إلى فرض انضباط شبه عسكري على العاملين في القطاعات الإنتاجية بالإضافة إلى فرض السرية المطلقة على كل المعلومات و البيانات التي تخص الإنتاج .وأسفرت هذه السياسة عن الزج بملايين الناس في معسكرات الاعتقال لمجرد وجود شبهات حولهم أو لمجرد أنهم كانوا ممن امتلكوا مصانع ومعامل قبل تولي الشيوعيين السلطة و رفضوا تسليمها إلى السلطات الجديدة في إطار عملية تأميم الوسائل الإنتاجية .. ولبقاء الجميع تحت المراقبة أوفدت السلطات كل المصانع و المعامل رجال أجهزتها القمعية لرصد عملية الإنتاج و مراقبة العاملين و كشف هوية من سمتهم المخربين و المقوضين من أعداء الحزب و الشعب بهدف اتهامهم رسميا فيما بعد في حال وقوع أي حادث أو خلل أثناء العمل .. وكان النظام يبحث دائما عن كبوش فداء لإلقاء المسؤولية عليها عن جميع إخفاقاته و لتضليل الرأي العام وصرف انتباهه عن الاختلال الخطير الذي كان يعاني منه الاقتصاد المركزي . وكانت التهمة الموجهة إلى أولئك في مثل هذه الحالات تخريب الاقتصاد الوطني وهي تهمة مروعة و خطيرة ترتبت عليها عقوبة السجن لمدة خمسة عشر عاما ..المهندس تودور كونستانتين كان مدير مصنع الكهرباء في بوخارست وفي حديثه إلى محرري مركز التاريخ المروي للإذاعة الرومانية عام 2003 قال إنه تم تعيين أحد رجال الشرطة السرية مسؤولا عن العمل المخابراتي في المصنع وأن ذلك الرجل كان يراقب العمال عن كثب لكشف أي شيء من شأنه إثارة الشبهات حول عملهم و سلوكهم الاجتماعي .. لنستمع إليه :

" كلما وقع عطل فني أو خلل ما أثناء العمل كلما كان يشرع في التحقيق مع العمال لتحديد هوية المذنب ثم كان يرسله إلى مركز التحقيق في حي راهوفا في بوخارست .. ولكن كان لي صديق وهذا الصديق كانت تربطه أواصر عائلية مع هذا المسؤول وأحيانا كنت أطلب منه التدخل لدى قريبه لإقناعه بترك عمالي وشأنهم لأنني كنت بحاجة إليهم في المعمل بينما كان هو يستوعبهم لساعات طويلة بعد وقوع أي عطل صغيرا كان أو كبيرا .. كلنا كنا نقوم بعملنا وبواجبنا بينما كان هو يتفرج ويراقب كل عامل وكل شيء ..فلم يرق لي أنه كان يرسل عمالي إلى مركز راهوفا حيث كانوا يظلون أحيانا لمدة شهر كامل إلى حين انتهاء التحقيق معهم .فمن الواضح أن مصالحي أنا لم تتوافق مع مصالحه هو"

في عام 1952 اتهم العديد من عمال المصنع بالتخريب على إثر حادث لم يكن أحد مسؤولا عن وقوعه في حقيقة الأمر لنستمع إلى ضيفنا تودور كونستانتين متذكرا :
" وقع عطل خطير في المصنع أثناء غياب العمال في نهاية الأسبوع حيث كان الجميع في رحلة إلى الجبل منظمة من قبل قيادة المصنع. ولسوء الحظ تسبب العطل في اندلاع حريق فاحترق سقف المصنع وتدمر .. في ذلك الوقت كنت أنا أيضا أمضي إجازتي الصيفية خارج بوخارست وفوجئت باتصال هاتفي من العاصمة ..وها هو رئيس الشوط المناوب يطلب مني العودة إلى بوخارست على الفور و الذهاب إلى المصنع وقال : تعال بسرعة لأن ما حدث هنا في المصنع كارثة حقيقية .. تركت كل شيء و أنهيت إجازتي في الحال وعدت إلى بوخارست ولكن عندما وصلت إلى المصنع كانوا قد اعتقلوا العمال .. وقد حدث كل شيء بسرعة فائقة بحيث لم أكن أقدر على التدخل من أجلهم بأي شكل من الأشكال"

شاء القدر أن يتم الإبراء بذمة العمال المحتجزين وإسقاط تهمة التخريب عنهم في نهاية المطاف .. التفاصيل يتذكرها ضيفنا المهندس تودور كونستانتين :

" اتهموهم بالتخريب في بادئ الأمر وكانت التهمة ملفقة بدون شك لكنهم كانوا يبحثون عن مثل هذه التهم الخطيرة عن عمد .. أحضروا مختصين لكن من دون جدوى لأنهم لم يتجرؤوا على حسم الأمر إما إقرارا بوقوع خلل خطير تسبب في اندلاع الحريف أو إثباتا بوقوع عمل تخريبي ..فقبع العمال في السجن سنتين تقريبا دون أن يمثلوا أمام المحكمة .. لحسن الحظ كان رئيس المحكمة المنبثقة عن النيابة العامة العسكرية قبل أن يصبح قاضيا عاملا في المصنع وزميلا لنا و كان يعرف كل المعتقلين جيدا ..وبعدما زارهم في مركز الاعتقال اتصل بي هاتفيا وقال لي إن زملائه السابقين موجودون في السجن وعليه أن يقرر ماذا سيفعل بهم .. هل سيخضعهم للمحاكمة أم لا .. ثم قال لي : اكتب لي إفادة تقول إنك بصفتك مهندسا وخبيرا تؤكد بكل حزم أن سبب الحريق لم يكن التخريب وإنما العطل الخطير الذي وقع أثناء غياب العمال وقل أيضا إنك تعتقد أن اعتقالهم غير مبرر .. وهكذا تم الإفراج عنهم و سلموا من تهمة خطيرة وعقوبة قاسية لمجرد أن رئيس المحكمة كان زميلا سابقا لنا وكان يعرفنا جيدا"

لم تكن مثل هذه الأحداث بالقليلة في العهد الستاليني . ولم تسفر المراقبة الصارمة التي فرضت على العمال في جميع المصانع و المعامل عن أية نتائج إيجابية لا من حيث زيادة فعالية العمل ولا من حيث منع وقوع الحوادث في أماكن العمل ..
 
Bookmark and Share
WMA
64kbps : 1 2 3
128kbps : 1 2 3
MP3
64kbps : 1 2 3
128kbps : 1 2 3
AAC+
48kbps : 1 2 3
64kbps : 1 2 3
استمع الآن
مواقيت البث
التوقيت (UTC)
07.30 - 08.00 15.00 - 16.00


دمية صوت رومانيا العالمي التاريخية - المسخوطة الجالبة للحظ