صوت رومانيا العالمي
2025-04-17



















Arhiva :
طاعون كاراجيا
(2010-03-01)
آخر تحديث 2010-03-22 17:35 EET
كان وباء الطاعون الذي اندلع في إمارة فالاهيا الجنوبية في عام 1813 و الذي يذكر به في تاريخ رومانيا باسم طاعون الأمير كاراجيا هو الأكثر دمارا لأنه حصد أرواح ما يزيد عن ستين ألف نسبة وألحق أضرارا جسيمة بالاقتصاد المحلي ..سمي هذا الوباء باسم الأمير كونه اندلع بعيد تعيين كاراجيا أميرا لفالاهيا من قبل الباب العالي وللأسف لم يكن وباء الطاعون الوحيد في النصف الأول من القرن التاسع عشر في الإمارة حيث تكرر انتشاره عامي 1819 و 1929 . أما أسباب انتشار الطاعون في البلاد الرومانية و ارتفاع عدد ضحاياه فقد أرجعها البعض إلى عجز السلطات عن اتخاذ الإجراءات الوقائية في الوقت المناسب ولكن المؤرخين يقولون إن لظهور الطاعون في الإمارات الرومانية سببا موضوعيا أيضا وهو الحروب بين روسيا و النمسا و الإمبراطورية العثمانية التي دارت رحاها على الأراض الرومانية و التي وضعت أوزارها قبيل اندلاع الوباء .. لنستمع إلى المؤرخ ماريان سترويا من معهد التاريخ في بوخارست :
" في جميع الحالات المعروفة اندلع وباء الطاعون بعيد انتهاء الحملات العسكرية أو الحروب التي دارت معاركها على أرض الإمارتين الرومانيتين . فإن طاعون الأمير كاراجيا طرأ عام 1813 بعد وقت قليل من انتهاء الحرب الروسية التركية التي استغرقت بين أعوام 1806 و1812 و التي تركت خلفا بيئة ملوثة بسبب ما خلفته المعارك من ضحايا ظلت جثثها غير مدفونة على جبهات القتال و تحولت إلى بؤر للأمراض المعدية .. وذلك في وقت لم يكن الناس يمتلكون فيه أبسط وسائل الوقاية .. وفقا للتقديرات الحالية فقد أودى طاعنون الأمير كاراجيا بحياة حوالي ستين ألف إلى سبعين ألف شخص . غير أن الوثائق و التقارير الرسمية العائدة إلى ذلك العهد تبين أرقاما أقل بكثير لكننا نتعامل معها بتحفظ.. إذ أنها تشير إلى حوالي 2030 مريضا تم إدخالهم إلى المستشفى بالإضافة إلى 2350 حالة وفاة جراء الطاعون و 290 حالة شفاء من هذا المرض .. ولكن الأرقام الحقيقية كانت أكبر بكثير"
كانت الحرب العامل الرئيسي لنقل المرض ولكن طاعون كاراجيا دخل رومانيا عن طريق أحد معاوني الأمير الذي رافقه من مدينة قسطنطينية إلى إمارة فالاهيا على حد قول المؤرخ ماريان سترويا :
" توقف موكب الأمير قبل وصوله العاصمة في دير فاكاريشتي قرب بوخارست حيث أقيم قداس اعتلاء العرش وكان ضمن حاشية كاراجيا موظف كبير يبدو أنه جاء مصابا بالطاعون من مدينة القسطنطينية . إلا أن الأمير وسائر الموظفين الكبار تجاهلوا الأمر .. ومع ارتفاع درجة الحرارة و قدوم الصيف يبدو أن الفيروس تطور حتى ظهرت أولى الإصابات دفعة واحدة في شهر يونيو عام 1813 وكان عددها 16 إصابة .. قبل عهد الأمير كاراجيا لم تجد السلطات وسيلة لمنع تفشي المرض إلا بإخلاء المصابين من ديارهم و نقلهم خارج مدنهم و تركهم في العراء لمدة ستة أسابيع ليموتوا أو يشفوا - كل حسب طالعه .. أما في عهد الأمير كاراجيا فكان اهتمام السلطات بالإجراءات الوقائية أكبر حيث طلب الأمير نفسه من الأطباء تقديم خدمات الإسعاف و ضمان خدمة الطوارئ في المستشفيات على مدار الساعة بل أرغمهم على زيارة المرضى في منازلهم بصحبة أحد ممثلي البلدية .. وكانوا يقررون إما إدخال المرضى إلى المستشفى أو إرسالهم إلى خارج المدينة وفقا لدرجة خطورة المرض .. كما أمر كاراجيا بطرد كل المتسولين و الغجر و لصوص الملابس لاشتباهه بأنهم يساهمون في نقل المرض بسبب تعاملهم مع أشياء مستعملة وبالية"
أحدث الطاعون صدمة قوية في المجتمع الروماني وبقيت ذكراياته حية في ذاكرته لفتة طويلة من الزمن .. المؤرخ ماريان سترويا مرة أخرى :
" تشير مدونات القنصل النمساوي فلايشاك فون هاكيناو ان وطأة الطاعون بدأت تخف اعتبارا من شهر مارس آذار عام 1814 حيث قال الدبلوماسي النمساوي أنه لم تظهر هناك بعد ذلك التاريخ أية حالات جديدة .. ومن جهة أخرى تشير مصادر تاريخية أخرى إلى الهلع الذي نشره الوباء بين الناس وتصف كيف تفرغت المدن و القرى من سكانها الذين لاذوا الفرار خشية المرض .. فكان للطاعون تأثيرا سلبيا على الوضع الديموغرافي و كذلك على الوضع الاقتصادي للإمارتين"
عادت الأمور إلى مسارها الطبيعي بعد أربع سنوات تقريبا من انطفاء بؤر الطاعون في الإمارتين الرومانيتين ولكن موجات أخرى من هذا المرض اجتاحتهما في العقود التالية حتى عام 1829 . وبعد ذلك التاريخ نجحت السلطلت في القضاء على هذا المرض في سياق عملية التحديث التي شهدتها الإمارتان و التي ترافقت مع تحديث شبكة الشوارع و مجاري الصرف الصحية و التطور العمراني و تحديث الخدمات .
 
Bookmark and Share
WMA
64kbps : 1 2 3
128kbps : 1 2 3
MP3
64kbps : 1 2 3
128kbps : 1 2 3
AAC+
48kbps : 1 2 3
64kbps : 1 2 3
استمع الآن
مواقيت البث
التوقيت (UTC)
07.30 - 08.00 15.00 - 16.00


دمية صوت رومانيا العالمي التاريخية - المسخوطة الجالبة للحظ