Radio Romania International

Arhiva :

سجن رامنيكو سارات – سجن الصمت
(2010-02-22)
آخر تحديث 2010-03-01 17:41 EET Print
كان سجن رامنيكو سارات واحدا من معسكرات الاعتقال الرومانية من مثيلات سجون الغولاغ السوفييتي في خمسينات و ستينات القرن الماضي. كان قبل أن يصبح معسكرا للإبادة و الموت مركزا لسجناء الحق العام .. وكأية مؤسسة من هذا النوع كان يقوم بإعادة تأهيل نزلائه و تصحيح سلوكياتهم .. شيد في نهاية القرن التاسع عشر وفي عام 1901 زاره العاهل الروماني الملك كارول الأول و لكن أول حدث هام في تاريخه وقع في شهر نوفمبر تشرين الثاني عام 1938 عندما لقي مجموعة من سجنائه من عناصر الحرس الحديدي اليميني المتطرف حتفهم في حادث اغتيال بينما كانوا في طريقهم من رامنيكو سارات وهي بدلة صغيرة قرب مدينة بوزاو جنوب غربي البلاد إلى العاصمة بوخارست .. وبعد اغتيال رئيس الوزراء أرماند كالينيسكو على أيدي رجال نفس الحركة اليمينية المتطرفة ذاع صيت السجن مرة أخرى كالمكان الذي نفذ فيه حكم الإعدام الصادر بحق ثلاثة عشر من قياديي الحرس الحديدي .. ولكنه اشتهر في سنوات النظام الشيوعي كونه المكان الذي زجت فيه السلطات الشيوعية أولى مجموعات الفلاحين ممن رفضوا تسليم أراضيهم للدولة لإقامة ما سمى بالتعاونيات الزراعية .وبعد إغلاق سجن سيغيت - الذي ألقى فيه الشيوعيون بكبار مسؤولي الأحزاب السياسية المناهضة لهم فتح سجن رامنيكو سارات أبوابه لمن بقوا على قيد الحياة من أولئك الزعماء ليمضي فيه العديد منهم أيامهم الأخيرة في ظروف قاسية جدا .. كوسمين بودانكا الباحث في معهد تقصي جرائم النظام الشيوعي في رومانيا ومنسق متحف سجن رامنيكو سارات وصف لنا ظروف الاعتقال في هذا السجن وقال : "لم يكن هذا السجن كبيرا بخلاف غيره من السجون في غيرلا أو أيود أو جيلافا . ولم يكن يتسع لأكثر من 300 سجين إذا ما افترضنا أن في كل زنزانة أربعة سجناء . ولكن في سنوات النظام الشيوعي كان في كل زنزانة سجين واحد فقط لأن سجن رامنيكو سارات تميز عن غيره من معسكرات الاعتقال بمعاقبته السجناء من خلال فرض الصمت و العزلة التامة عليهم وهو ما ذكره كل من سجنوا فيه واستطاعوا الصمود لظروف الاعتقال القاسية جدا و البقاء قيد الحياة . وقد تحدثوا في ذكرياتهم عن كل ذلك فيما بعد وسموه بسجن الصمت .. لأن تواصل نزلائه فيما بينهم كان مستحيلا في الحقيقة حتى .انتهى الأمر ببعض المعتقلين إلى أن يصبحوا عصيي النطق بعد سنوات من المكوث فيه . وكان واحدا منهم قيادي الحزب الوطني الفلاحي كورنيليو كوبوسو الذي بعد سنوات قضاها في عزلة تامة في سجن ريمينكو سارات فقد قدرته على النطق و وجد صعوبة بالغة في استعادة مؤهلات التواصل الكلامي . ما نعرفه الآن هو أن الحراس كانوا يخرجون السجناء من زنزاناتهم لشم الهواء فرادى . ولكن ظروف الاعتقال كانت قاسية جدا من كل النواحي فكان الطعام رديئا جدا وشحيحا وكان السجناء يقبعون في البرد وإن مرضوا فلم يكونوا يتلقون العلاج .إنه من الواضح أن قيادة السجن كانت تتبع هذا النظام في منتهى القسوة بشكل متعمد بهدف واضح هو تصفية المعتقلين ذلك أن السجن كان في حقيقة الأمر معسكرا للإبادة و الموت" كان خط للسكك الحديدية يربط سجن رامنيسكو سارات ببلدة في الاتحاد السوفييتي . ففي سنوات النظام الستاليني وحتى مطلع الستينات أصبح وجود مثل هذا الخط أمرا في منتهى الأهمية خاصة بعد إقامة الستار الحديدي و اندلاع الحرب الباردة بين الاتحاد السوفييتي و حلفائه من جهة و القوى الغربية من جهة أخرى . لنستمع إلى كوسمين بوديانكا مرة أخرى : " كان أغلب السجناء في رامنيكو سارات من ممثلي النخبة السياسية ولذلك كان السجن مرتبطا بإحدى محاطات القطار في الاتحاد السوفييتي عبر خط للسكك الحديدية مطابق للمواصفات السوفييتية آنذاك لتمكين القطارات الرومانية المحملة بسجناء بعبور الحدود إلى الاتحاد السوفييتي في حال شهدت رومانيا أحداثا مماثلة لتلك التي جرت في هنغاريا أثناء الثروة المعادية للسوفييت عام 1956 . وما يجعلني أقول هذا أن العديد من الزعماء السياسيين المعتقلين في سجون أخرى نقلوا إلى رامنيكوسارات بعد أحداث عام 1956 في هنغاريا . والحقيقة أنه كان من السهل جدا إرسال أولئك إلى الاتحاد السوفييتي بهذه الطريقة في حال اندلاع أحداث مماثلة في رومانيا أيضا ..إذ أن أقرب محطة قطار في الاتحاد السوفييتي كانت تقع على مساحة ساعتين بالقطار " في عام 1963 توفي في سجن رامنيكو سارات أحد آخر سجنائه وهو يوليو مانيو زعيم الحزب الوطني الفلاحي الذي كان واحدا من أكبر السياسيين الرومانيين في النصف الأول من القرن العشرين وبعد وفاته نقل كل من بقي على قيد الحياة من السجناء إلى مراكز اعتقال أخرى . و في عام 1964 صدر قرار العفو العام عن جميع السجناء السياسيين . وتم تحويل سجن رامنيكو سارات إلى مستودع وبعد ثورة عام 1989 تقرر المحافظة عليه ليكون رمزا للصمت كوسيلة قمع ..