صوت رومانيا العالمي
2025-04-16



















Arhiva :
الإبداع الموسيقي في ظل النظام الشيوعي
(2010-02-10)
آخر تحديث 2010-02-19 20:35 EET
ألقت الأوضاع السياسية التي شهدتها المجتمعات في ظل الأنظمة الشمولية بظلالها على ميادين الإبداع الأدبي والفني ومن بينها الموسيقى التي عرفت شتى أنواع التقييد شأنها في ذلك شأن سائر مجالات الإبداع. وقد ابتكر المؤلفون في العهدين الفاشي والشيوعي نمطا جديدا من الموسيقى من شأنه أن يزرع في نفوس الناس القيم التي كان النظام يبيح بها لهم . فالذي يستمع إلى الموسيقى التي تم تأليفها في ظل الأنظمة الاستبدادية يدرك على الفور زيف المشاعر كانت تحاول نشرها بين الناس وهذا الإدراك سرعان ما يولد لديه الشعور بالنفور .. لأن الأشياء الوحيدة التي توحي بها هذه الموسيقى هي القوة الخارقة و القسوة البالغة و ضيق الخيال لتصبح بذلك مصدرا للشعور بالاغتراب .. و في رومانيا بلغت عملية تشويه الموسيقى واضطهاد الموسيقيين لاعتبارات سياسية ذروتها في العهد الستاليني . فبعد الثالث و العشرين من أغسطس آب 1944 و خروج رومانيا من تحالفها مع ألمانيا النازية للانضمام إلى صفوف الأمم المتحالفة تعزز نفوذ العقيدة الستالينية بالتدرج بقدر إحكام النظام الشيوعي قبضته على البلاد .. ولم يسلم الموسيقيون من عمليات التطهير التي جرت على نطاق واسع في البلاد و شملت جميع ميادين الحياة حيث فقد العديد من العازفون مناصبهم في الأوكريسترات لادعاءات سياسية جوفاء على الرغم من كفاءتهم المهنية العالية و براعتهم الفنية الواسعة .. في عام 1994 تحدث قائد الأوركيسترا المعروف إيمانويل إلينيسكو إلى محرري مركز التاريخ المروي لإذاعة الرومانية حول الاجتماع الذي تقرر فيه إقصاء الموسيقيين الكبار تيودور روغالسكي و ألفريد أليساندريسكو و كونستانتين بووبيسكو من مناصبهم في الأوركيسترات التي كانوا يعملون معها بعد أن وجهت إليهم تهم واهية وقال:
"مثلنا أمام لجنة مكلفة بتطهير الأوركيسترات من العناصر غير المرغوب فيها وخاصة من الموالين للألمان .. وكان بين أعضاء اللجنة رجل اسمه يونيسكو .. كان عازفا في أوركيسترا الإذاعة وكان قد عاش في برلين وكان يجيد الألمانية أكثر من الرومانية و كان رجلا ذكيا لكنه كان شيوعيا ستاليني النمط . وقال للموسيقي تيودور روغالسكي إنه مذنب بتهمة تأليف نشيد للمارشال أنتونيسكو الذي حكم رومانيا في الفترة ما بين الحربين العالميتين و تحالف مع الزعيم النازي هتلر ..ولم ينف روغالسكي ذلك إطلاقا .. وعندما أبلغ بأنه سيفقد وظيفته في أوركسيترا الإذاعة قال لهم إنه ليس بحاجة إلى تلك الوظيفة لكسب رزقه ..ثم وجهوا إلى الموسيقي أليساندريسكو تهمة مضحكة هي أنه كثير الانفتاح إلى الثقافات و الحضارات الأجنبية . وأنه يتكلم بالفرنسية و يقرأ الكتب الفرنسية .. ولم يرفض أليساندريسكو ما قيل له .. بل سألهم عما إذا كان ذلك ذنبا حقيقيا .... وأخيرا قالوا لكونستانتين بوبيسكو إن التهمة الموجهة إليه هي أنه أقدم على تأليف نشيد باسارابيا . وأجاب بوبيسكو أن الجميع شعر بسعادة غامرة بعد عودة المنطقة إلى الوطن الأم في عام 1918 لكن إحدى النشيطات في لجنة التطهير قالت له: باسارابيا منطقة سوفيتية يا رفيق" ..
تأثرت البرامج الإذاعية أيضا من تدخل السياسية في شؤون الفن و الثقافة و الإبداع . وعن كل ذلك تحدث القائد إيمانويل إلينيسكو متذكرا:
"كانت الإذاعة تبث الأغاني الوطنية و الأناشيد الجماهيرية .. وكان أحد البرامج يحمل عنوان لنتعلم الروسية مع الغناء .. أتذكر أنني كنت ذات يوم أمشي في الشارع ومررت بإحدى العمارات .. كان الجو حارا وكانت نوافذ الشقق مفتوحة .. كانت موسيقى جميلة جدا تنبث عبر النوافذ من أجهزة الراديو . ثم فجأة انقطعت الموسيقى و سمعت صوتا يقول : لنتعلم اللغة الروسية مع الغناء .. لم تمض ثوان معدودات حتى انقطع صوت المذياع نهائيا .. يبدوا أن سكان العمارة أغلقوا أجهزة المذياع حال بداية ذلك البرنامج .. الحقيقة أن أحدا لا يتعلم أي شيء بالزور .. و في تلك الفترة كانت الإذاعة كانت تبث الموسيقى الروسية بكثرة .. في حين أن الموسيقى الألمانية لم تكن حاضرة في برامجها إلا بشكل محدود .. كانوا يذيعون مقاطع من أعمال بيتوفن و موزارت و شومان .. ولكنهم حظروا بث أعمال فاغنر بذريعة أنه معاد للسامية و حطموا كل الاسطوانات التي كانت تحمل أعماله .. شخصيا كنت أعزف مع الأوركيسترا العديد من أعمال شيوستاكوفيتش" .
عانى العديد من الموسيقيين و الفنانين أشد معاناة جراء تدخل السياسية في الحيز الثقافي و الفني .. بينما قبل آخرون بالتعاون مع النظام الشيوعي وكان من بينهم الموسيقار جورجيه إينيسكو الذي اختير عضوا في الجمعية الرومانية للعلاقات مع الاتحاد السوفييتي . مما لا شك فيه أن المتعاونين مع النظام حصلوا على بعض الامتيازات ومن بينها أنهم كانوا دائما ضمن الوفود الرومانية إلى الخارج أو ضمن الفرق الفنية التي كانت تقوم بجولات في رومانيا و في الخارج . ومن جهة أخرى كان هناك بين الشخصيات الموسيقية و الفنية الكبيرة من تم تهميشهم عقابا على رفضهم التعاون مع السلطات وكان واحدا منهم الموسيقي الكبير ميهايل جورا الذي فقد وظيفته في جامعة الموسيقى لمواقفه الموالية للعاهل الروماني ميهاي الأول الذي أرغمه الشيوعيونعام 1947 على التنازل عن العرش
 
Bookmark and Share
WMA
64kbps : 1 2 3
128kbps : 1 2 3
MP3
64kbps : 1 2 3
128kbps : 1 2 3
AAC+
48kbps : 1 2 3
64kbps : 1 2 3
استمع الآن
مواقيت البث
التوقيت (UTC)
07.30 - 08.00 15.00 - 16.00


دمية صوت رومانيا العالمي التاريخية - المسخوطة الجالبة للحظ