صوت رومانيا العالمي
2025-04-16



















Arhiva :
الثقافة في الإذاعة إبان العهد الشيوعي
(2010-01-18)
آخر تحديث 2010-01-25 17:36 EET
كانت النظرية الماركسية تعتبر الثقافة التقليدية جزئا من المجتمع الذي نشأت فيه كثمرة للرؤية البرجوازية الداعية إلى استغلال الإنسان من قبل الإنسان وتطبيقا لتلك النظرية لم يكتف النظام بانتهاج الثقافة العمالية ونشرها كساند لسعيه إلى إنشاء مجتمع السعادة و الرخاء من خلال تغيير المقومات الاقتصادية و الاجتماعية و السياسية بل و عمل أيضا على تحويلها إلى نسخة للعقيدة الشيوعية . وكانت الإذاعة إلى جانب الصحافة المكتوبة واحدة من أدوات نشر الثقافة العمالية من خلال محو التقاليد الثقافية المتوارثة و زرع العقيدة الثقافية الجديدة في نفوس أفراد المجتمع .. وكانت الثقافة التي روجتها الإذاعة في خمسينات القرن الماضي تشير إلى الإتباع التام لهذه المؤسسة لسياسة النظام .. جوسيت مايدانيك كانت صحفية في الإذاعة الرومانية آنذاك حيث كانت تعد بعض البرامج الأدبية .. وفي حديث إلى محرري مركز التاريخ المروي للإذاعة الرومانية في عام 1999 تطرقت إلى مضمون البرامج التي كانت تقوم بإعدادهما قائلة :
"كنت مسؤولة عن برنامج الدفتر الثقافي الذي كان زاوية يومية تتضمن بعض الفقرات الدائمة مثل مقالات النقد الأدبي أو السينمائي أو المسرحي أو الموسيقي وكذلك بعض الأخبار الثقافية و الريبورتاجات القصيرة عن الفعاليات الثقافية .. وكانت إحدى تلك الفقرات تحمل عنوان أخبار في مواجهة الإمبريالية ..وحيث أنني لا أتحيل بروح الانتقاد ولا أحد الجدل و لا أتحلى بموهبة أدبية طلبت من رئيس القسم ألا يعهد لي إعداد هذه الفقرة .. الحقيقة أني ولدت وتربيت في بيئة ثقافية وتعلمت اللغة الألمانية منذ نعومة أظفاري حتى قبل أن أتعلم الكتابة و القراءة وبالتالي لم أكن أقبل بالأفكار التي كان النظام يحاول تلقيننا إياها ومن بينها أن الأمريكيين شعب بلا أخلاق وأن شرب الكوكاكولا غير لائق وما إلى ذلك" .

لم تكن الخيارات المتاحة لضيفتنا بكثيرة تفادي القيود الإيديولوجية .. لنستمع إليها من جديد :

"كلفوني بكتابة مقالات حول الكتب الأدبية الحديثة الصدور والحقيقة أن العديد من الكتب المطبوعة في تلك الفترة كانت تراجم لأعمال الكتاب السوفييت .. حاولت قدر الإمكان التركيز في أعمال الكتاب الروس الكلاسيكيين، لأني لم أكن مهتمة بالأدب السوفييتي ولم أكن أعرفه جيدا ففي منزل أسرتي لم تكن هناك كتب للكتاب السوفييت. مع ذلك كتبت مقالات حول أعمال بعض الكتاب السوفييت أيضا لأنها كانت تنشر بكثرة لكني حاولت قدر المستطاع تناول الأدب الكلاسيكي الروسي في البرامج التي كنت أقوام بإعدادها قناعة مني بأهمية دور الإذاعة في تربية المواطنين ..أتذكر أن نائب رئيس الإذاعة الأستاذ كونستانتين ديميتريو قال في أحد اجتماعاتنا إن أجمل شيء في المذياع هو زره أي أنه بإمكان المستمع أن يغلق الجهاز إذا لم يعجبه البرنامج الذي كان في الاستماع إليه ..واتخذت قوله ذلك شعارا لعملي في الإذاعة وهذا ما فعله العديد من زملائي أيضا"

كان عمل محرري الإذاعة يخضع لرقابة دقيقة وصارمة وكان الرقباء في الغالب غير راضين بكيفية تطبيق الثقافة العمالية على أرض الواقع ولم يبخلوا بالعقاب على محرري الإذاعة مع أن العديد منهم أطاعوا النظام الجديد رغبة منهم في الارتقاء على السلم المهني . وكان رجل الثقافة أليكساندرو بالاتش واحدا ممن فقدوا وظائفهم في الإذاعة الرومانية بعد خلاف مع الرقابة .. جوسيت مايدانيك مرة أخرى :

"كان أليكسانردو بالاتشي المحرر المسؤول عن اعتماد التقارير و الأخبار الثقافية المذاعة وبصفته تلك اعتمد تقريرا كان يتحدث عن فيلم سقوط برلين .. وكان كاتب التقرير يشيد ببراعة الممثلين اللذين قاما بأداء دوري كل من ستالين و هتلر ..وما أن انتهى البرامج حتى تسلمت رئاسة الإذاعة رسالة من اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الروماني تطالبنا بسحب حق الاعتماد عن بالاتش ..لكن الأمور ذهبت إلى أبعد من ذلك حيث أراد بعض المسؤولين في الإذاعة تسريحه من وظيفته لأن اللوم كان قد جاء من اللجنة المركزية للحزب .. علمنا لاحقا أن الخطأ المزعوم الذي ارتكبه بالاتشي والذي أغضب الرقابة هو أنه اعتمد تقريرا اعتبر أنه يسوي بين هتلر وستالين لأنه كان يثني على الممثلين اللذين تلويا أداء دورهما في جملة واحدة .. لكن نائب رئيس الإذاعة وقف إلى جانب بالاتش وفي النهاية تراجعوا عن إقالته لكنهم طلبوا منه أن يقدم استقالته .. فغادر زميلنا الإذاعة و وجد وظيفة في دار نشر الثقافة و الأدب .. لقد قمنا بزيارته مرارا في مكان عمله الجديد لأننا كنا نقدره كإنسان و كصحفي . كان رئيسنا في العمل ولكنه لم يتعال علينا أبدا . كان رحيله خسارة كبيرة للإذاعة"

كان إعداد البرامج الثقافية في الإذاعة الرومانية في خمسينات ا لقرن الماضي أمرا صعبا على من أرادوا ممارسة مهنتهم بنزاهة ولكن رغم الضغوط الإيديولوجية أفلح بعض المحررين في تفادي الرقابة وإبقاء المضمون الثقافي لبرامجهم خارج نطاق السياسية عن السياسة .. ولكن بين التخلي عن العمل الإعلامي واعتماد الحل الوسط وسيلة لمواجهة ضغوط النظام الشيوعي اختار معظم الصحفيين الطريقة الوسطى
 
Bookmark and Share
WMA
64kbps : 1 2 3
128kbps : 1 2 3
MP3
64kbps : 1 2 3
128kbps : 1 2 3
AAC+
48kbps : 1 2 3
64kbps : 1 2 3
استمع الآن
مواقيت البث
التوقيت (UTC)
07.30 - 08.00 15.00 - 16.00


دمية صوت رومانيا العالمي التاريخية - المسخوطة الجالبة للحظ