صوت رومانيا العالمي
2025-04-17



















Arhiva :
المؤتمر الرابع عشر لحزب الشيوعي الروماني – مؤتمر شاوشيسكو الأخير
(2009-12-02)
آخر تحديث 2009-12-20 18:38 EET
لا يمكن لأي دكتاتور أن يعمل كل ما يطر على باله أثناء ممارسته السلطة ما لم يكسب زعامته الشرعية التي تمكنه من عمل كل ما يروق له ..و هذه الشرعية يمنحها له المجتمع من خلال انتخابه زعيما مطلقا للبلاد من جهة وكذلك الحزب الذي يختاره قائدا ليحص على تطبيق برنامجه على أرض الواقع ..وقد أصر نيقولاي شاوشيسكو وربما أكثر من أي دكتاتور آخر على إكساب حكمه هذه الشرعية وعيا منه أنها غير متوفرة في حقيقة الأمر . كان نيقولاي شاوشيسكو آخر الزعماء الشيوعيين المتسلطين في أوربا الوسطى و الشرقية الذين جرفتهم أحداث عام 1989 إلى هوة التاريخ .. ولكن بخلاف أمثاله من حكام البلدان الشيوعية الأخرى الذين أبعدوا عن السلطة من خلال حركات ثورية سلمية ثم عمروا ليروا بأعينهم ما يجري في بلدانهم من تحولات إلا أن نيقولاي شاوشيسكو سقط قتيلا برصاص جنود كتيبة الإعدام الذين نفذوا الحكم الصادر بحقه في الخامس و العشرين من ديسمبر كانون الأول عام 1989 ..في السنوات الأخيرة لحكمه أصبح شاوشيسكو مكروها من الجميع حتى من عناصر آليات جهاز الأمن القمعي أو الشرطة السياسية الذين يئسوا من تشبثه المتعنت بعقيدة بالية جامدة و بقائه أصم وأعمى أمام موجة الإصلاحات التي عمت الاتحاد السوفييتي وإدانته البغيضة التحولات التي شهدتها البلدان الشيوعية المجاورة .. وعلى خلفية الأحداث غير المسبوقة التي جرت آنذاك في أوربا الوسطى والشرقية رأى الكثير في المؤتمر الرابع عشر للحزب الشيوعي الروماني الذي بدأت أعماله في بوخارست في العشرين من نوفمبر تشرين الثاني عام 1989 الفرصة الأخيرة أمام نيقولاي شوشيسكو ليحذو حذو سائر زعماء البلدان الدائرة في فلك الاتحاد السوفييتي و يخرج من الساحة السياسية إلا أن المؤتمر جاء ليحكم قبضة نيقولاي شاوشيسكو على السلطة . وقد أعاد المؤتمر الذي جرى وسط أجواء احتفالية فاحشة لم يسبق لها مثيل في تاريخ الحزب الشيوعي الروماني - أعاد انتخاب نيقولاي شاوشيسكو زعيما مطلقا للحزب و الدولة .. لم يختلف المؤتمر الرابع عشر في مظاهره الرئيسية عن المؤتمرات السابقة التي كانت في الحقيقة اجتماعات شكلية هدفها الوحيد إعادة انتخاب نيقولاي شاوشيسكو أمينا عاما للحزب .للتعرف على المزيد من التفاصيل عن المؤتمر الرابع عشر أو الحفل الأخير كما سماه المؤرخون لاحقا دعونا أمام الميكروفون الباحث يوان سكورتو الذي وصف الأجواء التي انعقد فيها المؤتمر قائلا :
"كان التوتر يخيم على البلاد منذ منتصف عام 1989 بسبب الأوضاع الداخلية المتردية و التطورات السياسية التي طرأت على سائر البلدان الشيوعية ولكن النظام استمر على نهجه المعهود . ففي شهر يوليو تموز جرى اجتماع للجنة المركزية للحزب لتبني قرار التأييد لإعادة انتخاب شاوشيسكو أمينا عاما للحزب وكان ذلك الاجتماع نقطة انطلاق لحملة واسعة النطاق أطلقتها أجهزة الدعاية و جميع المنظمات الحزبية و النقابية بالإضافة إلى منظمات النساء و الشبيبة هدفها الوحيد تبني قرارات تأييد مماثلة على جميع المستويات كانت كلها تعبر عن لحمة المجتمع و التفاف جميع طبقاته و فئاته حول الرفيق نيقولاي شاوشيسكو باعتباره الضامن لمضي رومانيا قدما في سبيل إنشاء المجتمع الاشتراكي المتطور في متعدد الجوانب وكلها من الكليشيهات التي كانت تروجها دعاية النظام آنذاك وكان واضحا أن شاويشيكو لم ينوي ولو للحظة واحدة أن يتخلى عن زعامة الحزب و الدولة بل كان متيقنا من أنه الرجل الوحيد القادر على شغل المنصبين الأعلين وأنه حقا الكافل بتطوير الاشتراكية في رومانيا"
راهن شاوشيسكو في مؤتمر الحزب الأخير على ورقة السيادة الوطنية التي جعلته موضع احترام على الصعيد الدولي في عام 1968 عندما وقف إلى جانب تشيكوسلوفاكيا ضد الاتحاد السوفييتي و سائر البلدان الدائرة في فلكه . .. ولكن السيف سبق العذل كما يقال ..لنستمع إلى الأتساذ يوان سكورتو من جديد :
"لدينا وثائق و محاضر اجتماعات اللجنة السياسية التنفيذية للحزب الشيوعي إضافة إلى مذكرات عدد من أركان الحزب من أمثال دوميترو بوبيسكو و سيلفيو كورتيتشانو وباول نيكوليسكو ميزيل وكل هذه الوثائق تشير بوضوح إلى نية شاوشيسكو لطرح قضية منطقتي باسارابيا و شمال بوكوفينا اللتين احتلهما السوفييت عام 1940 إثر توقيع اتفاقية ريبنتروب مولوتوف .. ورغم أن شاوشيسكو غطى رؤيته في تلك القضية في الكلام الدبلوماسي المبهم إلا أن الجميع فهم ما كان يقصد به . وأكثر من ذلك أثارت أقواله ردود فعل قوية على الصعيد الدولي حيث اتهمه بعض الزعماء السياسيين و الدبلوماسيين بأنه يسعى إلى فرض إعادة النظر في الحدود القائمة في أوربا فيما وصف بأنه خروج على نصوص بيان هلسينكي الختامي الصادر عام 1975 ..”
هل كان شاوشيسكو مقتنعا فعلا بأنه في مقدوره ترجمة تلك الأفكار على أرض الواقع .. لا يعتقد الأستاذ سكورتو ذلك على الإطلاق ويرى أن شاوشيسكو أراد فقط التشديد على الطابع القومي الوطني لسياسته قناعة منه أن الرومانيين الذين كانت معاداتهم للروس معروفة سيؤيدونه في هذه القضية التي تخص أرضا رومانية محتملة من السوفييت ..في نهاية عام 1989 كانت مواقف شاوشيسكو الستاليني من الجمود والتحجر بحيث باتت تعتبر خطرا على الشعب الروماني وعلى الشعوب الأخرى أيضا . و ذهب شاوشيسكو إلى أن يطلب تدخل قوات حلف وارشو لكبح جماح الإصلاحات في بولندا بل وأعلن اعتراضه الشديد على توحيد ألمانيا مما أثار حفيظة الزعماؤ الغربيون الذين باتوا يعتبرونه عدوا للسلام في أوربا .. لنستمع إلى الأستاذ يوان سكورتو مرة أخرى :
"كان زعماء الدول الكبرى من أمثال بوش و ثاتشر و ميتيران وغورباتشوف قد وصلوا إلى وفاق باتجاه قبول مطالب هيلموت كول وهناس ديتريخ غنشر بإعادة توحيد ألمانيا . حتى الإنكليز والفرنسيون الذين اعترضوا على هذا المشروع بادئ الأمر وافقوا عليه في نهاية المطاف .فعلى ضوء اتفاق زعماء الدول الكبرى على توحيد ألمانيا بدا موقف شاوشيسكو المؤيد للإبقاء على تقسيم ألمانيا في غاية التشدد و التعنت . وكانت ردود فعل الحكومات الغربية على موقفه ه سلبية جدا .”
بعد شهر من إعادة انتخابه أمينا عاما للحزب الشيوعي نفذ حكم الإعدام بحق نيقولاي شاوشيسكو ليختتم بذلك فصل كارثي من تاريخ رومانيا . وإن استعرضنا الآن ما جرى قبل عشرين عاما ندرك أن صورة شاوشيسكو في مؤتمره الأخير لا تختلف بشيء عن صورة أي طاغية مجنون وصل إلى حافة الهاوية ولكنه لا يعي بما يحدث له و يعطي رعاياه أوامر بإقامة احتفالات في منتهى البذخ مشحونة بطقوس العربدة على غرار الاحتفالات التي كانت تقديمها الشعوب القديمة في أعياد آلهتها ..
 
Bookmark and Share
WMA
64kbps : 1 2 3
128kbps : 1 2 3
MP3
64kbps : 1 2 3
128kbps : 1 2 3
AAC+
48kbps : 1 2 3
64kbps : 1 2 3
استمع الآن
مواقيت البث
التوقيت (UTC)
07.30 - 08.00 15.00 - 16.00


دمية صوت رومانيا العالمي التاريخية - المسخوطة الجالبة للحظ