صوت رومانيا العالمي
2025-04-16



















Arhiva :
نظريات راديكالية في مطلع القرن العشرين
(2007-06-04)
آخر تحديث 2007-06-05 16:34 EET
وأصبحت الثورة الفكرة المهيمنة على النظريات الراديكالية اليسارية التي كانت قد تبلورت في تلك الفترة منادية بإحلال العدالة الاجتماعية. أما النظريات الراديكالية اليمينية فكانت تسعى إلى تحسين الظروف الاجتماعية من خلال التطهير القومي . وكان للنظريتين هدف مشترك وهو ضمان سعادة المجتمع عامة والإنسان خاصة . ولكن تلك السعادة النظرية البحتة تحولت في أرض الواقع إلى أفظع كابوس في تاريخ البشرية راح ضحيته بين أعوام 1917 و1989 مئات الملايين من الناس .

ظهرت الأفكار الراديكالية اليمينية في رومانيا في مطلع القرن العشرين تحت تأثير انتشارها في سائر البلدان الأوربية . وتعاملت الراديكالية السياسية في البداية مع القضايا المتعلقة بالخصائص القومية والإصلاح الاقتصادي وعمل الدولة ولكنها سرعان ما أصبحت تقدم حلولا للمشاكل الاجتماعية والسياسية. وكانت الأحزاب الراديكالية تحاول لفت انتباه الناس من خلال إلقاء خطابات شعوبية ملتهبة عليهم مستغلة البلاغة كحيلة لجذب الناس إليها .
وكان من بين أكثر ممثلي الراديكالية اليمينية إثارةً للضجة المؤرخ الكبيرنيقولاي يوركا و السياسي أليكساندرو كوزا حفيد أمير رومانيا السابق والذي بدأ عمله السياسي في جمعية للشباب المحافظين .
وقد ازدادت أفكاره راديكالية حتى أصبحت شبيهة في بعض نواحيها لأفكار الفاشيين . في عام 1910 أسس كوزا و يوركا الحزب القومي الديموقراطي وفي عام 1922 وضعا أسس الاتحاد القومي المسيحي الذي أطلقا عليه عام 1923 رابطة الدفاع القومية المسيحية والتي اشتق عنها لاحقا الحرس الحديدي اليميني المتطرف .
أما الرابطة فاستمرت حتى عام 1935 عندما حولها كوزا إلى حزب سماه بالحزب القومي المسيحي . والجدير ذكره أن كوزا تقلد منصب رئيس الوزراء بين شهر ديسمبر كانون الأول عام 1937 وفبراير شباط عام 1938 . للحصول على مزيد من التفاصيل حول أفكار أليكساندور كوزا و رابطة الدفاع القومية المسيحية توجهنا إلى المؤرخ ميهاي كيوفيانو Chioveanu مدرس تاريخ الفاشية في كلية العلوم السياسية في جامعة بخارست الذي قال:
  • كان كوزا أول سياسي روماني وفق إلى اكتساب مركزهام في الحياة السياسية انطلاقا من نظرياته المعادية للسامية . أما سائر الأفكار التي قام بانتهاجها والترويج لها فكانت أقل أهمية وتأثير . وفي عام 1923 حصل على مقعد في البرلمان وحافظ عليه حتى نهاية عمله السياسي. لم يكن شخصية بارزة فظلت أفكاره السياسية ضمن نطاق محدود . تأثرفي البداية بالاشتراكية الفرنسية ثم احتضن العقيدة القومية المحافظة واستعار من الثقافة السياسية الأوربية جزءا من أفكاره العنصرية والمعادية للسامية .

  • كان كوزا إلى جانب يوركا منظري اليمين المتطرف في رومانيا ولكنه لا يمكن اعتباره فاشيا مثل زعماء الحرس الحديدي من أمثال زيليا كودريانوZelea codreanu . المؤرخ ميهاي كيوفيانو قدم الفوارق بين العقيدتين الراديكالية اليمينية والفاشية:
  • كان الخط السياسي الذي انتهجه كوزا رغم معاداته للسامية وتركيزه المفرط على القومية وكرهه للأجانب - كان يمينيا قحا وأقرب إلى التسلطية منه إلى الفاشية الثورية التي انتهجها الحرس الحديدي ، والفارق الرئيسي بين الحزبين وبين كوزا و زعيم الحرس الحديدي كودريانو يكمن في تمسك كوزا بالصراع البرلماني وحرصه على إبقاء العمل السياسي في نطاق القانون ورفضه القاطع لنقل العمل السياسي إلى الشارع وكرهه لممارسة العمل السياسي في الشارع من خلال العنف وإضفاء الصفة الجماهيرية عليه . وكانت المعاداة للسامية الفكرة الرئيسية لسياسته بينما مثلت عند الحرس الحديدي واحدة فقط من الأفكار السائدة لعقيدته.


  • كانت "رابطة الدفاع القومية المسيحية" الحزب السياسي الذي انجذب إليه من كان قد تأثر بالأفكار اليمينية الرائجة في المجتمع الروماني آنذاك ولكنه مني بالفشل - شأنه في ذلك شأن سائر الأحزاب الصغيرة رغم تبني بعض الساسة وأجزاء هامة من المجتمع لأفكاره . واستطرد المؤرخ ميهاي كيوفيانو Chioveanu يقول:
  • هناك فارق كبير بين الخط الفاشي وخط كوزا الذي افتقر في الحقيقة إلى رؤية سياسية شاملة حول مستقبل رومانيا بخلاف زعماء الحرس الحديدي الذين كانوا قد تسلحوا بمثل هذه الرؤيا. وقد حاول كوزا حل المشاكل التي كان قد تخيل وجودها في المجتمع من خلال تهميش الأقلية اليهودية والحد من نفوذها . ولكنه لم يوضح أبدا الخطوط العريضة لسياسته بل اكتفى برفع شعارات حول الوطن والدين وهي شعارات لم تكن ميزته الخاصة ، إذ روجتها على نطاق واسع العقيدة المحافظة الكلاسيكية .

  • أما تعيين كوزا رئيسا للوزراء عام 1938 جاء نتيجة لمحاولات الملك كارول الثاني لإرضاء المعادين للسامية من الناس تصديا لزيادة نفوذ الحرس الحديدي عليهم في نهاية الثلاثينات . ولكن الملك كارول الثاني ارتكب خطأً فادحا آنذاك ذلك أن العديد من الرومانيين كانوا قد صوتوا لصالح الحرس الحديدي ليس لما روجه من أفكار معادية للسامية فحسب إنما لأفكاره التجديدية الوطنية .


    بلغت الراديكالية اليمينية ذروتها إبان الحرب العالمية الثانية ولكنها منيت بالفشل في نهاية الأمر، وأعتبرت فصل من الفصول السوداء في تاريخ البشرية لما أوقعته من مآس وما تركته من آثار مؤلمة لدى الآلاف من الناس.
     
    Bookmark and Share
    WMA
    64kbps : 1 2 3
    128kbps : 1 2 3
    MP3
    64kbps : 1 2 3
    128kbps : 1 2 3
    AAC+
    48kbps : 1 2 3
    64kbps : 1 2 3
    استمع الآن
    مواقيت البث
    التوقيت (UTC)
    07.30 - 08.00 15.00 - 16.00


    دمية صوت رومانيا العالمي التاريخية - المسخوطة الجالبة للحظ