Radio Romania International

Arhiva :

نقل الخزانة البولندية عبر الأراضي الرومانية إبان الحرب العالمية الثانية
(2009-10-20)
آخر تحديث 2009-10-28 17:39 EET Print
ظل الأول من سبتمبر أيلول عام 1939 في التاريخ كاليوم الذي اندلعت فيه الحرب العالمية الثانية بغزو الجيش الألماني بولندا . وكانت رومانيا حينئذ موالية للتحالف البريطاني الفرنسي الذي كان قد خرج منتصرا من الحرب العالمية الأولى وبالتالي كانت تؤيد اتفاقيات فيرساي المبرمة بعد الحرب و تندد بأية محاولات لإعادة النظر في نصوصها. وكانت قد وقعت مع بولندا في الثالث من مارس آذار عام 1921معاهدة سياسية و عسكرية نصت على أن يمنح كل طرف الدعم للآخر في حال تعرضه لهجوم عسكري .. وفي عامي 1926 و 1931 تم تمديد أجل المعاهدة إلا أن اندلاع الحرب عام 1939 نسف جميع الاتفاقيات الموقعة بين الدول التي نشأت بعد الحرب العالمية الأولى بسبب عدم تمسك قيادتها السياسية بمواقفها .. سحق الجيشان الألماني والسوفيتي القوات البولندية بعد ثلاثة أسابيع من القتال ولم يكن للحكومة البولندية إلا أن تعترف بالهزيمة ..وبذلك بدأ كابوس الرحيل لأبناء الشعب البولندي فبدأت محنة المنفى لما تبقى من الجيش البولندي ومؤسسات الدولة . ففي طريقهم إلى فرنسا و بريطانيا عبر اللاجئون البولنديون أراضي كل من رومانيا وهنغاريا في حين أن خزانة الدولة البولندية عبرت هي الأخرى الأراضي الرومانية إلى ميناء كونستانزا حيث تم تحميلها على سفينة بريطانية في الخامس عشر من سبتمبر أيلول عام 1939 .. ويقدر عدد البولنديين الذين قطعوا أراضي رومانيا بحثا عن مأوى و ملجأ بحوالي خمسين ألف شخص .. كان ترايان بورتشيسكو آنذاك نائب رئيس دائرة المخابرات الرومانية وشارك في تنظيم نقل الخزانة البولندية عبر الأراضي الرومانية .. في عام 2003 تحدث إلى محرري مركز التاريخ المروي للإذاعة الرومانية حول هذه العملية : "كان البولنديون أقرب من الهنغاريين وكانت العلاقات معهم أفضل من علاقاتهم مع الرومانيين.. فلم يعترفوا بتوحيد منطقة ترانسيلفانيا مع الوطن الأم رومانيا عام 1918 بعد أن كانت هنغاريا احتلها حتى ذلك الحين لكن بطلب من الإنكليز والفرنسيين وافق رئيس الوزراء الروماني أرماند كالينيسكو على أن يمر الجنود البولنديين و قوافلهم المحملة بالخزانة عبر رومانيا شريطة أن يتم نزح سلاح الجيش البولندي عند دخوله أراضي رومانيا و تطهيره من العملاء الأجانب وتعهدهم بالحفاظ على سرية العملية وإخفاء تاريخ مرور القوافل عبر رومانيا عن الروس والألمان .. وقد تم نقل الخزانة على مرحلتين واحتفظنا نحن بجزء منها لتغطية النفقات المترتبة على استضافة اللاجئين و القوات البولندية ..ولكن بطلب من الإنكليز والفرنسيين وافقنا على إيداع الخزانة و التي كانت تتكون من 70 صندوقا ضخمة و عدد كبير من الطرود إلى على ظهر غواصة بريطانية .وقد جرت العملية برعاية الجيش الروماني و رجال المخابرات الفرنسية والبريطانية الذين استحوذوا على الخزانة البولندية ثم نقلوها إلى سويسرا" وعن تفاصيل عملية نقل الخزانة تذكر ترايان بورتشيسكو قائلا: "كان مدير البنك المركزي البولندي ضمن الوفد المرافق للقافلة و الذي ضم أيضا رجال المخابرات البولندية بالإضافة إلى العقيد دياكونيسكو عن الطرف الروماني . وقد توقفت القافلة في طريقها إلى ميناء كونستانتزا عدة مرات في مختلف المدن حيث تم استضافة المرافقين من الجنود البولنديين في ثكنات الجيش بعد نزع سلاحهم" وفي ختام المقابلة سئل ترايان بورتشيسكو عما الذي حال دون بقاء الخزانة البولندية في رومانيا حيث أجاب بقوله : "أعلم أن رومانيا طلبت بعض المساعدات أو التعويضات ولكن دون جدوى .. فقد قيل لها إن بولندا دولة صديقة لا بد من مساعدتها ولذلك لم تستلم رومانيا بعد الحرب أية تعويضات بل أعادت إلى بولندا كل ما كان قد تبقى من الخزانة البولندية على أرضها... أتذكر حالة الهرج و المرج التي عمت الجيش البولندي في ظل الاحتلال الألماني لبلاده فكان الجنود يفرون إلى رومانيا هربا من النازيين وأعلم أنهم سلموا سلاحهم للجيش الروماني الذي قام بخزينه في مستودعاته في شمال رومانيا ولكنه وقع في يد الجيش الألماني إبان احتلاله لرومانيا لاحقا .. لذلك أقول إن رومانيا لم تربح شيئا على الإطلاق من هذه العملية .. ولكن من جهة أخرى لم يكن من الممكن أن تبقى الخزانة البولندية في رومانيا رغم أن السلطات الرومانية كانت على استعداد للحفاظ عليها .. ذلك أن الإنكليز أدركوا أن الجيش الألماني سيحتل رومانيا في ضوء المعاهدة الألمانية السوفييتية التي تم توقيعها عام 1939 والتي وضعت كلا من رومانيا و بلغاريا في دائرة النفوذ الألماني .. و في مثل هذه الظروف لم يكن مقبولا أن تترك الخزانة البولندية في رومانيا لتستحوذ عليها الألمان في حال احتلالهم البلاد"