صوت رومانيا العالمي
2025-04-16



















Arhiva :
صفحات من تاريخ رومانيا
(2007-05-21)
آخر تحديث 2007-05-21 16:48 EET
في مثل هذا الصراع يجني الفائز ثمار نصره بينما يكتفي الخاسر بما كان بإمكانه أن يبرز على الرأي العام أثناء المجابهة من مؤهلات و مهارة سياسية. إلا أن التنافس السياسي يتحول في ظل الأنظمة الاستبدادية إلى لعبة لها أصولها و أهدافها المختلفة عن أصول وأهداف الصراع السياسي الديموقراطي . فإن الفائز في تلك اللعبة يجهز على الخاسر الضربة النهائية القاضية. والحقيقة أن الفائز في اللعبة السياسية في أنظمة استبدادية كالنازية و الشيوعية كان المستفيد المطلق من منافع نصره بينما كان على الخاسر أن يدفع بحياته أحيانا ثمن جرأته و إقدامه على خوض المجابهة .
كان الحزب الشيوعي الروماني أول من جاء بالتنافس السياسي الشامل و النضال ضد الخصوم والأعداء في تاريخ الشعب الروماني دافعا به إلى أقصى حد مع القضاء عليهم أو تصفيتهم البدنية .
فقد طبق الحزب الشيوعي الروماني على نطاق واسع أسلوب تصفية العدو الذي كانت قد كرسته الثورة الفرنسية فاستمر السوفييت لاحقا في تطبيقه . ولم تشتمل التصفية الخصوم و الأعداء السياسيين فحسب إنما اشتملت أيضا الحلفاء الذين تجرءوا على التقدم بآرائهم المختلفة عن آراء الزعيم والتشكك من سلطته . ففي الفترة ما بين الحربين العالميتين انتهى الصراع بين الزعماء الشيوعيين على السلطة إلى تصفية بعض من الخصوم . فإن أحد أشهر تلك الحالات في تاريخ الشعب الروماني هو الصراع بين غورغي غوركيو ديج و لوكريتسيو باتراشكانو الذي انتهى إلى فوز الأول وإعدام الثاني . ضيفنا اليوم المؤرخ دورين دوبرينكو من معهد التاريخ في مدينة ياشي الذي وصف لنا تصرف الزعماء الشيوعيين ما بين أعوام 1920 و1945 بقوله:
  • " تأسس الحزب الشيوعي الروماني عام 1921 إثر انقلاب داخل الحزب الاشتراكي وكان في الفترة ما بين الحربين العالميتين طائفة سياسية إن صح التعبير أي جماعة واقعة عند هامش الحياة السياسية الرومانية شديدة التعلق بموسكو التي كان يستورد منها ليس أفكارها و عقائدها فحسب إنما أساليبها وممارساتها أيضا . في تلك الفترة ظهرت حالات الخصومة و العداء بين عناصر الحزب وتفاقمت وازدادت حدة في الأشهر التي سبقت احتلال رومانيا من قبل الجيش الأحمر . وفي فترة أعوام 1941-1944 هزت هدوء الحزب الخصومة الشديدة بين الزعيم كوركي كوركيو ديج وشتيفان فوريش الذي كان في الحقيقة الزعيم المشروع للحزب . وللتخلص منه أمر كوركي كوركيو ديج للعميل السوفييتي المعروف آنذاك بانتيوشا بودنارينكو باغتيال شتيفان فوريش فقتله العميل فعلا من خلال ضرب رأسه بقضيب من الحديد ودفن جثته تحت أرضية بيت في بوخارست.


  • يقول المؤرخون إن كوركي كوركيو ديج كان المنتصر الكبير لجميع خلافاته و صراعاته مع غيره من قادة الحزب . وبعد القضاء على شتيفان فوريش استطاع ركن جماعة حزبية برئاسية كل من أنا باوكر و فاسيلي لوكا و تيوهاري جورجيسكو وإبعادها نهائيا عن الحياة السياسية و العامة .
    أما الخلاف بين ديج وباتراشكانو فتطرق ضيفنا إلى مميزاته قائلا :
  • كان الزعيمان مختلفين إلى أقصى درجة من حيث مزاياهم النمطية البشرية. تربى ديج في بيئة عمالية وإن كانت تحيطه نخبة من العمال . كان عاملا كهربائيا مؤهلا واشتغل في مصنع كبير في بوخارست حيث اكتسب خبرة لا بأس بها . أما عمله الحزب الشيوعي فمارس أثنائه جميع الأساليب و الممارسات الشائعة بين صفوفه . أحاط نفسه بجماعة ذات نفوذ وسعى دائما إلى تولي السلطة . كان قد تعلم اللغة الروسية على يد العملاء السوفييت الذين التقى بهم في السجن وكان دائم التطلع إلى إغناء معارفه بالعقيدة الشيوعية .

  • أما لوكريتسيو باتراشكانو فكان مثقفا حقيقيا منحدرا من عائلة محترمة وانجذب إلى الأفكار الاشتراكية أيام شبابه . له علاقات وروابط جيدة في المجتمع الروماني إذ تجدر الإشارة إلى أن مشاركة الحزب الشيوعي في الانقلاب الذي أطاح بحاكم رومانيا المارشال أنتونيسكو في الثالث و العشرين من آب أغسطس عام 1944 كانت قد سهلتها أواصر باتراشكانو الشخصية مع بعض المقربين إلى العاهل الروماني آنذاك الملك ميهاي الأول .
    ولكن مطالبه اللاحقة بتقلد مناصب في طليعة الحزب لم ترض الزعماء الشيوعيين كما لم يرضهم كونه شيوعيا غير نمطي - مثقفا واعيا بتفوقه على غيره من القادة الشيوعيين . وهذا التصرف أثار غضب كوركيو ديج فتشددت الخصومة بينهما بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية حتى لفتت انتباه سائر عناصر الحزب وأصبحت معروفة لدى أنصاره أيضا .


    في نهاية المطاف اعتقل لوكريتسيو باتراشكانو بأمر من كوركيو ديج على حد تعبير المؤرخين فاستجوبته لجنة حزبية برئاسة ديج نفسه ومدعومة من السوفييت الذين كانوا يستفيدون عقائديا من محاكمة المثقفين علنا . أما نهاية الخلاف بين ديج و باتراشكانو فتطرق إليها ضيفنا المؤرخ دورين جوبرينكو:
    كان باتراشكانو مثقفا ذا ميول برجوازية وقد اشتبه فيه بصلات مع الأحزاب البرجوازية الرومانية والدوائر الغربية . اتهم بالقومية فنسبت إليه تصريحات مثيرة من بينها " أنا روماني قبل أن أكون شيوعيا . " استغرق التحقيق معه حتى عام 1954 عندما قرر ديج تصفية باتراشكانو بسرعة .
    لماذا ؟ لأن ديج كان يخشى أن سياسة الانفتاح النسبية التي كان الحزب الشيوعي الروسي قد شرع في انتهاجها بعد موت ستالين عام 1954 قد تشجع الشيوعيين الرومانيين على إصلاح سياساتهم أيضا وأن السوفييت أنفسهم قد يعتبرون باتراشكانو المصلح المناسب في رومانيا ويخرجونه من السجن. وقرر ديج محاكمة باتراشكانو وراء الأبواب المغلقة في مطلع شهر إبريل نيسان عام 1954 فصدر بحقه الحكم بالإعدام الذي تم تنفيذه في سجن جيلافا قرب بوخارست .

    في عام 1968 أعاد خلف ديج الزعيم نيقولاي شاوشيسكو أعاد لباتراشكانو سمعته ومركزه ووجها أصابع الاتهام إلى مدبر اغتياله .
    والتفسير لعمله ذلك لا يكمن إلا في الصراع الداخلي في الحزب آنذاك والذي كان شاوشيسكو يحاول من خلال خوضه إبراز نفسه كمصحح أخطاء الماضي و مؤسس الأسلوب ا جديد لممارسة العمل السياسي .
     
    Bookmark and Share
    WMA
    64kbps : 1 2 3
    128kbps : 1 2 3
    MP3
    64kbps : 1 2 3
    128kbps : 1 2 3
    AAC+
    48kbps : 1 2 3
    64kbps : 1 2 3
    استمع الآن
    مواقيت البث
    التوقيت (UTC)
    07.30 - 08.00 15.00 - 16.00


    دمية صوت رومانيا العالمي التاريخية - المسخوطة الجالبة للحظ