Radio Romania International

Arhiva :

البيانات الكاذبة و الأرقام المبالغ فيها حول إنتاج المحاصيل الزرعية خلال فترة حكم تشاوشيكو للبلاد
(2009-06-01)
آخر تحديث 2009-06-15 17:14 EET Print
أما في رومانيا فأدى الكذب و تزوير الحقائق إلى ظهور اقتصاد وهمي مبني على مؤشرات و بيانات كاذبة مختلفة تماما عن البيانات الحقيقة ذلك أن القيادة العليا للحزب و الدولة كانت هي ذاتها ترفض الحقيقة تطعن في أية بيانات قد لا تتناسب مع أهداف الخطط الإنتاجية .. وقد أدرك بعض الموظفين الخطر الذي يهدد البلاد جراء الترويج المتسمر للبيانات الكاذبة و تزوير الأرقام الإنتاجية وحاولوا كشف الحقيقة للمسؤولين الكبار . وكان شتيفان بارليا رئيس اللجنة الوطنية للتخطيط في الثمانينات من القرن الماضي - و هي الهيئة العليا المسؤولة عن وضع الخطط الإنتاجية الاقتصادية كان واحدا من الموظفين الذين حاولوا إطلاع زعيم الحزب نيكولايه تشاوشيسكو على حقائق الإنتاج الزراعي .. وفي حديث أدلى به لمكزر التاريخ المروي للإذاعة الرومانية عام 2002 قال شتيفان بيرلا إن الكوادر الحزبية كانت تكذب بلاد تردد لإرضاء القيادة العليا : "كان أولئك يزورون البيانات الأرقام المقدمة لزعيم الحزب نيكولايه تشاوشيسكو بلا حياء .. وكانت تلك البيانات محض أكاذيب لا صلة لها بالوقائع ولكنهم لم يترددوا من تزوير بيانات الإنتاج الزراعي رغم خطورة الأمر و رغم انعكاسات تلك الأكاذيب على اقتصاد البلاد كله .. وكان أمناء المنظمات الحزبية للمحافظات يزورون أرقام المحاصيل بطلب من كبار المسؤولين الحزبيين في بوخارست الذين كانوا يجبرونهم بكتابة كميات معينة في تلك البيانات .. وكان الأمر ينتهي دائما إلى الإعلان عن محاصيل قمح هائلة بملاين الأطنان . . أحيانا حاول بعض المسؤولين الحزبيين المحللين إطلاع شاوشيسكو على الحقائق ولكنه لم يصدق أحدا سوى الموظفين الكبار - أمناء المنظمات الحزبية للمحافظات باعتبارهم أشخاصا موثوقا بهم .. وكان الكل يكذب - أمين منظمة الحزب في المحافظة الذي كان يقدم الأرقام المزورة إلى وزير الزراعة الذي كان يعرف أن تلك الأرقام كاذبة ولكنه كان يقدمها إلى المسؤولين الكبار في الحزب والدولة " حاول شتيفان بيرلا اطلاع تشاوشيسكو على حقيقة الإنتاج الزراعي ولكن من غير جدوى : "كان تشاوشيسكو يصدق البيانات التي ترضيه وإن كانت وهمية و كان يرفض البيانات التي لا ترضيه وإن كانت حقيقية .. وكان تزوير البيانات الإنتاجية وخاصة تلك المتعلقة بالنباتات الأساسية سببا لمشاكل كبيرة .. على سبيل المثال فإن تزوير بيانات إنتاج الفاصوليا باعتباره طعاما أساسيا لكثير من المواطنين والجنود أيضا كان يضعني أمام ورطة كبيرة فكيف لي أن أحدد الاستهلاك بصورة صحيحة على أساس محاصيل وهمية .. كان المسؤولون المحليون يعلنون عن محاصيل هائلة جدا من الفاصوليا . في عام 1986 أعلن عن إنتاج 1850 كيلوغرام لكل هكتار .. وهو رقم خيالي في الحقيقة حيث لم يكن إنتاج الفاصوليا يتعدى الألف كيلوغرام لكل هكتار على المستوى الوطني وهو إنتاج جيد واقعي نظرا لإمكانيات البلاد " ولكن الحق يظهر دائما و يزهق الباطل كما يقال . لنستمع إلى ضيفنا من جديد : "في ذلك العام كانت رومانيا قد وقعت اتفاقا مع كوبا لبيع كمية من الفاصوليا لها .. وطلب مني شاوشيسكو أن يقدم له وضع الإنتاج ولما رأى أنه لا يزيد عن 1200 كيلو غرام لكل هكتار قال إنه إنتاج متواضع .. لكني قلت له : على العكس .. إنه إنتاج جيد جدا بل ممتاز علما أن أكثر ما تحقق حتى الآن لم يفق الثمانمائة كيلو غرام لكل هكتار. لم يصدقن شاوشيسكو بل طلب إحضار أحد المسؤولين ممن كانت لهم صلاحيات الإشراف على قطاع الزراعة فجاء وقال له إن الأرقام التي كان قد تلقاها من أمناء منظمات الحزب في الحافظات أشارت إلى 1879 كيلو غرام لكل هكتار . كان يكذب بلا حياء .. ولحل المشكلة طلب شاوشيسكو من معاونيه التوجه على متن طائرة عمودية إلى إحدى القرى التي كان قد شاهد مساحات فيها مزروعة بالفاصوليا لجني عينة و قياس الكثافة وحساب معدل الإنتاج على أساسها .. فذهبوا و قاموا بالقياسات المطلوبة وفي النهاية تبين أن معدل محاصيل الفاصوليا لا يمكن أن يتجاوز 1450 كيلو غرام لكل هكتار . حينئذ قلت له : إن الذين يقدمون لك بيانات مزورة لا يخدمونك" وأحيانا كانت البيانات الإنتاجية الكاذبة ترد عكسيا على السلطات التي كانت قد نشرتها .. ففي منطقة دوبرجا وعدت السلطات المزارعين بحصة من إنتاج القمح .. وبعد جني المحصول حصل كل مزارع على نصيبه إلا أن لسان حال الحزب نشر خبرا مفاده أن التعاونية الإنتاجية المعنية حققت إنتاجا أكبر بكبير من الإنتاج الحقيقي . ذلك أن المحصول كان قد ازداد باستمرار في طريقها من التعاونية الإنتاجية إلى محرر الصحيفة مارا بأمين منظمة الحزب للمحافظة الحزبي . إلا أن الخبر ما أثار غضب المزارعين الذين اعتقدوا أن إدارة التعاونية خدعتهم و سلمت له أقل مما كان يستحقونه من إنتاج القمح .. وذهبوا إلى مدير التعاونية لمحاسبته وطلب ما يحق لهم لكنه ألقى بالمسؤولية على محرر الصحيفة .. وتحول غضب المزارعين إلى شغب حتى اضطرت السلطات للدخل بقوة لإعادة النظام و الهدوء ..