Radio Romania International

Arhiva :

مظاهرات شبيبة حزب الأحرار ضد حكومة بيترو غروزا الشيوعية
(2009-05-12)
آخر تحديث 2009-05-19 17:33 EET Print
وفي الفترة الممتدة من تنصيب حكومة غروزا عام 1954 إلى إجبار العاهل الروماني الملك ميهاي الأول بالتنازل عن العرش عام 1947 دمر الشيوعيون كل ما كانت أجيال متعاقبة من الرومانيين قد أنجزته في سبيل تحديث المجتمع الروماني وإصلاحه. وقد تم تطبيق النموذج السوفييتي في رومانيا في ظل احتلال الجيش الأحمر للبلاد وعلى أيدي أتباع العقيدة الشيوعية الذين تولوا السلطة في البلاد بدعم من السوفييت .. ولكن عملية تحويل المجتمعات الأوربية الشرقية إلى مجتمعات شيوعية لاقت الصمود والمقاومة . ففي رومانيا كان الملك ميهاي أول من وقف في وجه السوفييت . وكان رفضه التصديق على قوانين الحكومة الشيوعية أول إشارة إلى صموده . لم يكن الملك وحده في مواقفه تلك بل نظم شبيبة حزب الأحرار الوطني في الثامن من نوفمبر تشرين الثاني عام 1945 مظاهرة كبيرة للتعبير عن تضامنهم مع الملك و تأييدهم لموقفه ورفضهم لقسوة الحكومة الشيوعية وعدائها للملك .. كما أراد الشبيبة الليبراليين إعطاء الغرب إشارة إلى رفضهم للإجراءات التعسفية للحكومة الشيوعية وتجاوزاتها ..وفي الحقيقة ارتأى الشبيبة الأحرار أن العاهل الروماني الذي كان آنذاك شابا مثلهم يستحق كل الدعم و التضامن .. كان رادو كيمبيانو واحدا من أبرز الشخصيات في حزب الأحرار كان وقتئذ طالبا جامعيا آنذاك و رئيسا لمنظمة الشبيبة الأحرار .. وبمساعدة بعض أصدقائه ساهم في تنظيم المظاهرة الكبيرة التي انطلقت من أمام مقر الحزب في بوخارست وشارك فيها ما لا يقل عن ألف وخمسمائة طالب . وقد أصدرت الحكومة أوامر لقوات الدرك بتفريق المتظاهرين إلا أن رجالها انضموا إليهم . و لما وصل المظاهرون إلى القصر الملكي وكان عشرات الآلاف من الناس قد انضموا إليهم في الطريق .. لنستمع إلى رداو كيمبيانو متذكرا : "خرجنا من مقر الحزب ولما وصلنا إلى ميدان القصر شكلنا مجموعات من عشرين شخصا وكنا نحمل أعلاما صغيرة من الورق المثبت بعصي من الخشب طولها أربعين سنتمرا لحماية أنفسنا من المعتدين عند الضرورة .. وكان في جيوب بعضنا أكياس بالملح و مخارز صغيرة كتلك التي يستخدمها . وأثناء التحقيق معي لاحقا سئلت مرارا عن سبب وجود تلك الأشياء في حيازتنا أثناء المظاهرة .. والحقيقة أننا كنا قد تعرضنا أثناء جميع مظاهراتنا السابقة لاعتداءات على أيدي المشاكسين المرسلين من الحكومة الشيوعية لإثارة المشاكل و الاعتداء علينا .. فكانت شاحناتهم تدهس المتظاهرين . ولذلك كنا قد هيأنا أنفسنا لردعهم من خلال خرز دواليب الشاحنات و در الملح في أعين السائقين لعلهم يتركوننا وشأننا .. ولما وصلنا أمام القصر الملكي فوجئنا بأن المارة يحيوننا و يأتون إلينا و يحتضنوننا ويقبلوننا . لا أستطيع أن أصف لكم حماسية الناس و مدى تعاطفهم معنا ومظاهر التأييد التي حظينا بها .. ولاحظنا أن أعدادا متزايدة من الناس كانت تنضم إلينا باستمرار" تحلق المتظاهرون و المارة في رقصة كبيرة .. وقد قدر عدد الناس المجتمعين في ميدان القصر الملكي من متظاهرين و مارة بحوالي ستين ألفا .. ولكن جنود كتيبة تودور فلاديميريسكو المكونة من أسرة الحرب السابقين أطلقوا النار على المتظاهرين وقتلوا سبعة منهم و جرحوا آخرين كما اعتقلوا العديد منهن .. وكان بين المعتقلين كل من رادو كامبيانو و يونيل ساندوليسكو ولاورا سنادوليسكو . وعن مثوله بين أيدي المحكمة العسكرية في شهر يناير كانون الثاني عام 1946 وإدلاءه بإفادة لهم قال رادوا كيمبيانو : "كانت الصفحات الأولى لملفي فارغة تماما وعلى رأس كل صفحة سؤال أين كنت في الثامن من نوفمبر الماضي و ماذا عملت في الثامن من نوفمبر الماضي .. أما الصفحات الأخرى فكانت مليئة بإفادات لأناس من المشاركين في المظاهرة وبعضهم مقربون مني قالوا الحقيقة عن تلك الأحداث .. ولكن بعض الإفادات كانت مبالغا فيها ..فقيل إننا أردنا الاعتداء على الناس وقتلهم . أدليت بإفادتي التي قلت فيها إني شاركت في المظاهرة ولكنني خفت و هربت بسبب تطورات أحداثها .. سألوني عمن كانوا معي وقلت له أني كنت بصحبة رجل واحد وأعطيتهم اسمه لأنه كان قد سافر إلى الخارج منذ فترة ولم يكن بإمكانهم ملاحقته أو اعتقاله . وقعت على الإفادة فأطبق أحدهم الملف وصافحني مستودعا وظننت حينئذ أن الأمر كان قد انتهى" .. إلا أن الأمر لم ينته بذلك، فبعد انتهاء التحقيقات اعتقل الشيوعيون حوالي ألف طالب ثم استغلوا ملفاتهم القضائية لممارسة الابتزاز على الملك و إجباره على التنازل عن العرش . وكان رداو كامبيانو واحدا من المحكوم عليهم بالسجن حيث قبع تسع سنوات و أربع منها في سجن انفرادي .. أما الملك فلم يتردد في التخلي عن تاجه و عرشه مقابل حرية الطلاب المسجونين الذين كانوا قد أظهروا وفاءهم له في مظاهرات الثامن من نوفمبر عام 1945 ..