صوت رومانيا العالمي
2025-04-17



















Arhiva :
النظام الشيوعي و المثقفين
(2008-06-02)
آخر تحديث 2008-06-30 17:39 EET
صفحات من تاريخ رومانيا
ادعى النظام الشيوعي أن مشروعه الاجتماعي يعتمد على معرفة علمية دقيقة لتطور المجتمع عبر التاريخ ولكن في حقيقة الأمر كانت معاداة المثقفين إحدى السمات الرئيسية للنظام الشيوعي الذي اعتبر العمل الفكري عدوه الأكبر. كان النظام يصف إيديولوجيته بأنها درع العمال و الفلاحين أما المثقفون فزج بهم في السجون .
كانت الجامعة من بين الأهداف المفضلة على الشيوعيين فقد خضع أساتذة و طلاب لاضطهاد النظام الذي استبدل العِلم و المعرفة بالنشاط السياسي الثوري . والحقيقة أن قائمة الأساتذة و الطلاب الذين قهرهم النظام طويلة جدا أما الجامعة بصفتها أعلى معاهد العمل والمعرفة فقد أخضعها النظام لعملية تطهير وتغيير وحشية بل أقدم على فتح ما سمي بالجامعات العمالية الطفيلية التي شوهت صورة معاهد التعليم العالي الأصلية . وقد أعطت الجامعات العمالية دروس العقيدة الشيوعية الأولوية على حساب المواد العلمية الحقيقية ، كما وظفت الناشطين والمتفرغين الحزبيين محل الأساتذة الذين راحوا ضحية عملية التطهير السياسي . وينسب المؤرخون تشوه العلم والثقافة في رومانيا بين أعوام 1945 و1989 إلى دروس العقيدة الشيوعية والحزبية التي أللقيت في جميع معاهد التعليم .
عالم الرياضيات سولومون ماركوس كان طالبا عام 1944 وشهد عملية تشويه التعليم العالي في رومانيا بعد نهاية الحرب العالمية الثانية . أحب الرياضيات كثيرا منذ أن كان طالبا في الثانوية وفي عام 1945 التحق بكلية الرياضيات في جامعة بوخارست . وفي بداية العام الدراسي حضر مراسم الافتتاح الرسمي . في حديث أدلى به لمركز التاريخ المروي للإذاعة الرومانية عام 1998 تذكر سولومون ماركوس والذي أصبح لاحقا عضوا في الأكاديمية الرومانية الكلمة التي ألقاها رئيس الجامعة بتلك المناسبة فقال :
جرى الحفل الرسمي في القاعة الكبيرة لكلية الحقوق فكان بين الطلاب الحاضرين أنصار للحزبين التاريخيين الكبيرين اللبرالي والفلاحي ولكن الحزب الشيوعي أحضرمجموعة من الشباب المؤيدين له . فقد تطرق رئيس الجامعة إلى عواقب الحرب المادية والروحية وناشد الطلاب أن يعملوا بجدية لبناء مستقبلهم المهني مؤكدا لهم أن الجامعة هي البيئة المثالية لتحقيق هذا الهدف . كما دعاهم الى التخلي عن مشاعرالعداء والكراهية والحقد من الأوساط الطلابية .
أنهى سولومون ماركوس دراسته الجامعية عام 1948 وهو العام الذي أصبح فيه الحزب الشيوعي الحاكم المطلق للبلاد ووضع حدا لجميع الممارسات الديموقراطية في الحياة العامة. ويتذكر سولومون ماركوس بعض الأحداث التي وقعت في الخمسينات من القرن الماضي والتي أعادت إلى ذهنه كلمات رئيس جامعة بوخارست في حفل افتتاح العام الدراسي سنة 1944 فقال:
بقيت كلمات رئيس الجامعة عالقةً في ذهني وأنا ألاحظ العداء والحقد اللذان سادا المجتمع في السنوات التالية . ولاسيما الحقد الطبقي . فبعد حوالي عشر سنوات من ذلك الحفل الافتتاحي أجبرتُ بحضوراجتماع حزبي- كان مهزلة في الحقيقة - قالوا أنهم يريدون أثناءه كشف النقاب عن الموقف العدائي لأحد الطلبة تجاه الحزب . وماهو ذلك الموقف العدائي ؟ إنه رسم كاريكاتيري لزعيم الحزب كيوركيو كيوركيو ديج ، رسمه الطالب المعني أثناء اجتماع للشباب الشيوعيين . عندما نسمع مثل هذه الأشياء في أيامنا هذه لا نكاد نصدقها ولكنها حقيقية . فقد عمل رئيس الجامعة كل ما بوسعه للتخفيف من العقوبات الظالمة المفروضة على الطلاب آنذاك . ففي عام 1961 سقط عند مدخل مقراللجنة المركزية للحزب الشيوعي ومات في الحال . إذ كان يذهب لزيارة مسؤولين حزبيين والتدخل لديهم لمساعدة الأساتذة والطلاب الذين كانوا يواجهون شتى المضايقات كالطرد من الجامعة إلى المنع من تقديم أطروحة الدكتوراه . أنا أيضا كنت واحدا من أولئك الضحايا. فرشحت نفسي لتقديم أطروحة دكتوراه ونجحت في الامتحان ولكن رغم ذلك وصلتني رسالة من وزارة التعليم أبلغتني بأنه لا يحق لي أن أستمر في دراسة الدكتوراه رغم نجاحي في امتحان القبول . ولم تقدم لي الرسالة أي تفسير لرفض وزارة التعليم ترشيحي . ولكني متأكد من أن المشكلة تعلقت بملفي الشخصي إذ وجدوا فيه شيئا ما لم يكن يتناسب مع متطلبات الحزب ..
عانت الجامعة إلى جانب الأكاديمية أشد معاناة جراء ممارسات النظام الشيوعي
الذي قيد حريتها لمجرد أنها رائدة العلم و المعرفة التي يسودها التساؤل و التأمل و روح المناقشة و الجدل وليس روح الانصياع لسياسة الإملاء ..
  • معدة البرنامج ديانا بايتسيلو
  •  
    Bookmark and Share
    WMA
    64kbps : 1 2 3
    128kbps : 1 2 3
    MP3
    64kbps : 1 2 3
    128kbps : 1 2 3
    AAC+
    48kbps : 1 2 3
    64kbps : 1 2 3
    استمع الآن
    مواقيت البث
    التوقيت (UTC)
    07.30 - 08.00 15.00 - 16.00


    دمية صوت رومانيا العالمي التاريخية - المسخوطة الجالبة للحظ